عندما مات طلال مداح كنت في الثانية عشر من عمري، أذكر حينها كيف تأثر أخي الأكبر وعبّر عن ذلك باقتناء شريط " مقادير " كان صوت طلال يتجلى، كنت في بداية سماعي له، سادني الصمت وأنا أسمع ولأول مرة مواويله، أدركت حينها أنه فاتني تاريخ عظيم لم يسعفني عمري أن أعرفه.
بعدها بثلاث سنوات تلقيت خبر وفاة الفنانة العظيمة ذكرى بنفس الحدث مع أخي، قام بشراء آخر ألبوم لها " يوم عليك " سمعت ولأول مرة أغنية بحلم بلقاك، حزنت على مقتلها وأيقنت أنني خسرت مرة أخرى.
لكنني حين كبرت علمت أن الفن لا يموت، يبقى خالدًا وأنه لم يفوتني شيء، خسرت توقفهم واكتفاءهم لكنني لم أفقد فنّهم، بقي إلى هذه اللحظة.
والآن نحن خسرنا هامة كبيرة وأسطورة عظيمة، الأصيل أبو أصيل أبو بكر سالم ابن حضر موت. تعملق مع عمالقة الفن، ترك بصمة حنجرته ورحل، ترك لنا طبقات صوته حين يتجلى بالقرار والجواب.
تلك الحنجرة التي تدرك وأنت تسمعها كيفية صنع الله في الصوت ومقدرته في خلق أبعاد وحيثيات عظيمة في اللحن، وحده من يعرف كيف يلحن لنفسه، ويشبعك كأنك تسمع مجموعة موسيقية، يغنيك عن جميع أدوات الغناء.
هذا التراث والإرث الحضرمي الذي جمع بين الأدب والشعر والغناء واللحن، حين ترجل فقد الفنانين معلمهم، تلك المدرسة العظيمة خسرها الجميع. رحل وهو لم يملك لقبًا يوازي ما قدم، بينما تبقى الألقاب عاجزة أن تكوّن مجموعة كأبو بكر، لا لقب يتسع لأديب وشاعر وملحن علاوة على طبقات صوتية في رجل، هو عملاق الفن، وسينعى الفنانين أنفسهم لأنهم خسروا هذا الهرم.
أنت وين؟ أنت ترجلت ونتمنى أن تكون الآن في منزلة تستحقها، وسيظل سر حبنا فيك واضح، اتضحت معالمه مما قدمت، شكرًا لأن مسيرتك الغنائية نستطيع أن نتذوقها طيلة حياتنا، أشبعتنا فنًا وهذا هو سر حبنا فيك.
- مات صاحب الحناجر في جسد، وسيبقى صداها خالدًا وسيتكلم ويتعلم منها أهل الفّن إلى الأبد.
2 comments
2 pings
R
12/12/2017 at 9:47 م[3] Link to this comment
الله يرحمة يارب فعلا خسرنا هامة وأسطورة بالفن
محمد ابن عتيق
12/12/2017 at 10:26 م[3] Link to this comment
رحمه الله