قد نقول إن الأُطر الضيقة للمعرفة أدت إلى ديمومة الأفكار الدينية التقليدية، وهذا ما انطبق تماما للغرب وللمسيحية "ما لقيصر لقيصر وما لله لله"فبعد العصور الوسطى الوسطى ودخول عصر النهضة وبعد الحجر على الكنيسة ، تخيلوا ما حل بهم.
حدثت أزمة في الإيمان المسيحي وزادت اللامبالاة بالدين وتولدت طوائف جديدة شاذة عن الدين المسيحي، وزاد الشذوذ في كل شيء،وعادوا للسحر والشعوذة،وأصبحت الكنائس خالية لعدم وجود من يرتادها.
بينما حدث العكس لدى المسلمين فالفكر العلمي زاد في أعدادهم ودخل في الإسلام أعداد مهولة من غير بنية،وازداد عدد المساجد،وتضاعفت أعداد الحجاج والزوار،وأصبحت الكنائس في أوربا تباع للمسلمين وتحول إلى مساجد، وكل هذه حقائق لا تحتاج مني لاثباتها أو استجلاب أدلة عليها.
طبعا سيظن البعض أنه بسبب اجتهاد مجموعة أو طائفة أو تيار أو حزب أو جماعة أو دولة، وبالطبع نحن بطبيعتنا نحن البشر، نحب أن يحسب لنا النجاح وإن كان فشلاً فسنكيل لغيرنا كل التهم، فلا تظن أنك أنت وجماعتك وطائفتك بل وحتى الدول هي من كان سبب هذا الاكتساح الهائل والجامح للإسلام في الوقت الراهن او حتى مستقبلا.
إن اتفقت معي أم اختلفت ،لِتعصّب لِمذهبك أو شيعتك ،او حتى لِمذهبك او دولتك ،فالسبب الحقيقي لهذا الإنتشار لاشك إنه الله الذي شرّع هذا الدين وأدى محمد صلى الله عليه وسلم، هذه الأمانة والمولى حفظها وضمن حفظ كتابه،فلم يزده الإنفتاح العلمي والفكري ،وزيادة العلوم والمعارف والاختراعات والابتكارات، إلاّ رسوخا وسَعَة وإنتشاراً.
ومن يختلف معي في ذلك، أقول له بصوت منخفض لئلا يسمعني (الكفار)،نحن الذين شوّهنا إسلامنا بعاداتنا وسلوكياتنا وتقاليدنا،فأدخلنا في الدين ماليس فيه،ثم أزيدك أيضاً أن مذاهبُنا المنغلقة وطوائفنا وفرقنا وجماعاتنا المتعددة ،والتي تخلينا بها عن الدين القويم، ونظن أننا نحسن صنعاً.وفوق هذا وذاك نجبر الناس طوعا وكرها على عدم التفكير وعدم النقد وعدم الإجتهاد وعدم البحث وعدم النقاش وعدم المس بهذه العادات والسلوك والتراث والفكر ،بل والطريقة.(شاهدت فئة مسلمة تتمرغ بالوحل).
يا عزيزي المسلم كُف أذاك عن الإسلام فالإسلام يهدي إلى سواء السبيل ولا يهدى للإسلام إلا الله،
(قُلْ هَلْ مِن شُرَكَائِكُم مَّن يَهْدِي إِلَى الْحَقِّ ۚ قُلِ اللَّهُ يَهْدِي لِلْحَقِّ ۗ أَفَمَن يَهْدِي إِلَى الْحَقِّ أَحَقُّ أَن يُتَّبَعَ أَمَّن لَّا يَهِدِّي إِلَّا أَن يُهْدَىٰ ۖ فَمَا لَكُمْ كَيْفَ تَحْكُمُونَ )(35)يونس
فهذا يكفي الإسلام وأعبد الله كما تريد أنت ومرشدك او شيخك او من أدلجك لهديه والاقتداء به وتعبد الله بواسطته .
أما الإسلام فالله حاميه ومهدي الناس اليه والعلم يرشد اليه والتفكر يرشد اليه، والقرآن شكل انبثاقاً هائلا للمعرفة لم تعرفه البشرية من قبل، لدى المسلمين ولدى غيرهم من البشر، لأن المعرفة مصدرها ومُلهِمها هو الله ولا اله الا هو جلت قدرته فهو المدبر والمقدر، وكل مخرجاتها قضاء منه ولا يَظلِم ربك أحدا.
لاخوف على الإسلام من العلم ولاخوف عليه من البحوث العلمية للتأصيل ولا خوف عليه من فتح باب الاجتهاد المحتكر وشبه الموصود،(المقصود هنا أن يشترك علماء الشريعة مع علماء العلوم الأخرى)، بما يرقى الى درجة الإسلام وبما يحقق لنا سعادتنا في دنيانا، وحسن مآلنا في أُخرَانا ،ونُنشئ به أجيالنا وبطريقة علمية صحيحة، تتماهى مع كل العلوم الحديثة ومحصلتها الإيمان بشكل طوعي بلا فرض ولا تلقين. أنا لا أخاف على الإسلام لكني أخاف على المسلمين.
3 comments
3 pings
نسناس
10/09/2019 at 7:37 م[3] Link to this comment
مقال أجمل من رائع
عبد الله غريب
10/09/2019 at 8:10 م[3] Link to this comment
مقال قمة العقلانية في التمشي مع هدي الإسلام لا للاستعلاء عليه بما ليس فيه ولا منه ثم إن الكاتب قام بتشريح شخص فيه الحالات تارة بالفصل وتارة بالربط وهذا ما جعله يصل لتأكيد رسوخ الدين الإسلام بثوابته لا بالتعصب لما أحدثه الناس بعد وفاة نبي الهدى وخاتم النبيين باعتبار الإسلام هو الدين الذي ارتضاه الله لنا وتكفل بحفظ كتابه فيما عبثت أهل الأديان الأخرى فجاآت النتائج لصالح المسلمين ولصالح الإسلام فيما سخر الله غيرهم لهم بتقدمهم العلمي وتأخر المسلمون بعد أن سادوا بسبب أدلجة الحياة ونزع دسم التفكير ولذا قال تعالى ( وقدمنا إلى ما عملوا من عمل فجعلناه هباء منثورا ) لأنهم تخلوا عن هذا الدين . شكراً للكاتب وللصحيفة .?
ع. عون
10/09/2019 at 10:48 م[3] Link to this comment
لقد سررت بنشر مقالاتي لديكم في هذه الصحيفة المحترمة.
لاحترامها كتابها وقرائها وإسهاماتها في نشر العلم والادب والثقافة للسير نحو الانسنه الراقيه بقرائها من مختلف الاطياف.
شكرا لإدارة الصحيفة والقراء الافاضل.
عبدالرحمن عون .