إن لكل شعب من شعوب العالم تراث فكري خاص به ،ويعتبر من العوامل الرئيسية التي تتميز بها جميع الأمم عن بعضها بعضا، حيث تختلف طبيعة الثقافة وخصائصها من مجتمع لمجتمع آخر ، وذلك للإرتباط الوثيق الذي يربط بين واقع الأمة ، وتراثها الفكري والحضاري ، كما أن الثقافة تنمو مع النمو الحضاري للأمم ، ولكنها قد تتراجع مع مرور الوقت : بسبب عدم الإهتمام الكافي بها مما يؤدي إلى غياب الهوية الثقافية الخاصة بالعديد من الشعوب .
فرسالتنا الإسلامية التي حملها إلينا رسولنا صلى الله عليه وسلم مرتبطة بوحي الله تعالى إليه عند البداية بقوله تعالى ( إقرأ باسم ربك الذي خلق، خلق الإنسان من علق ، إقرأ وربك الأكرم الذي علم بالقلم ، علم الإنسان مالم يعلم).
فقامت الثقافة على خدمة الإنسانية بالتدوين كتابة وقراءة ، لتفتح بابا جديدا أمام الأمم الأخرى للتعايش والتآخي .
فإذاكانت الشعوب تسعى جاهدة للعمل بما يحقق لها النمو الثقافي، فإن المملكة االعربية السعودية ليست بعيدة عن ذلك ، فمنذ التأسيس على يد المغفور له الملك عبد العزيز إلى أولاده الكرام لم تزل المملكة تشهد دعما ثقافيا رفيع المستوى من حيث المؤسسات التعليمية ، والملتقيات الفكرية المتنوعة ، ومعارض الكتب بكافة أرجاء المملكة ، كل ذلك تشير إلى حرص واهتمام قادة المملكة بالثقافة التي تغذي الناشئ ليصل إلى رتبة إنتاجه الفكري .
ومن الناحية التشكيلية للوزارة هناك وزارة الثقافة السعودية : هي الوزارة المشرفة على القطاع الثقافي في المملكة العربية السعودية ، كانت تابعة لوزارة الإعلام ، ثم انفصلت عنها لتصبح وزارة مستقلة بأمر ملكي من خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبدالعزيز - حفظه الله-في عام ٢٠١٨م.
وهي تهدف إلى تطوير وتنشيط صناعة العمل الثقافي في السعودية وجعلها داعما للإقتصاد في المملكة .
ومن مبادراتها : تأسيس مجمع الملك سلمان العالمي للغة العربية ، وإنشاء صندوق نمو الثقافي، إطلاق برنامج الإبتعاث الثقافي ، تطوير المكتبات ، إقامة مهرجان البحر الأحمر السينمائي الدولي ، إلى جانب رعاية المهرجان الوطني للتراث والثقافة (الجنادرية ).
ولقد حقق مهرجان الجنادرية مكسبا ثقافيا كبيرا للإنتاج الفكري منذ بدايتها عام ١٤٠٥هـ إلى يومنا هذا ، وذلك لجذب العديد من الزوار داخل المملكة وخارجها حيث هي قرية متكاملة للتراث والحلي القديمة والأدوات التي كان يستخدمها الإنسان السعودي في بيته قبل أكثر من خمسين عاما ومعارض للفنون التشكيلية .
وكما أن معرض عكاظ يعطي دلالة واضحة لمكانة خدمة الترات ، لما لسوق عكاظ في الجاهلية حيث كان سوقا ثقافيا ، يلتقي فيه العرب ويتبادلون بالقصائد والخطب سنويا .
فالمهتم بالشأن السعودي اليوم يدرك جيدا دور القيادة السعودية في دعم الإنتاج الفكري من حيث التذكير بالماضي ، واستنهاض الهمم لتجديد الإنتاج الفكري للحاضر مرورا إلى المستقبل المنشود .
إن الجمود الفكري مرده إلى عدم الإهتمام بالثقافة وتنوعها ، لذا ضربت المملكة رقما قياسيا كبيرا في العالم بإقامة المؤسسات الفكرية داخلها وخارجها ، فخارجها :مركز الملك عبدالله بن عبدالعزيز العالمي للحوار بين الأديان في فيينا ، وداخلها :مركز الحرب الفكرية للأمير محمد بن سلمان بالرياض .
بقلم الشيخ : نورالدين محمد طويل
إمام وخطيب المركز الثقافي الإسلامي بدرانسي شمال باريس في فرنسا