أعياد المسلمين ترتبط بموسم عبادي روحي يرتقي من الجسم الى السماء، فما عيد الفطر المبارك الا احتفالاً بنهاية أداء الركن الرابع وهو الصيام. بعد شهر كامل من تطويع الجسم على قلة المأكل و تحمله الحرمان من ملذات الدنيا من طعام وشراب ولقاء الأزواج خلال النهار، يحتفل المسلمين بنجاح ارادتهم و قوة عزيمتهم و دحر شهواتهم. الغاية من كل العبادات هي تهذيب النفس والتي نرجوا ان يبقى لها اثار طيبة خلال بقية شهور السنة.
ولأن اعيادنا لها ركيزة ايمانية، كان لها الأثر الأفضل في تأهيل النفس لما هو افضل وارقى في هذه الحياة من الانكباب على ملذات الدنيا. كما ان العيد يعتبر امتداد لفكر و عقل متزن ولذا نجد المسلمين يخرجون في هذا اليوم في ابهى حلة و يفرحون الأطفال بعيدية لنشر فرحة عقلانية. العكس نلمحه في بعض أعياد البلدان الأخرى التي هي عبارة عن جموح اهوج لا غاية ولا حدود له، الا اطلاق العنان للرغبات المكنونة. وبجولة سريعة مع العم قوقل اكتشفت اعيادا غريبة تقوم بها الشعوب الأخرى و منها:
-عيد الصمت (نيابي ) في جزيرة بالي بإندونيسيا: حيث يصمت الجميع لمدة اربع وعشرون ساعة و يستغرقون في التأمل والتفكر وغير مسموح لاي صوت بالارتفاع حتى من المذياع او التلفاز وتقوم الشرطة بتنبيه السياح حتى لا يقطعوا خلوة الصامتين. شخصيا راق له هذا العيد وأتمنى ان يطبق في بلادنا على اهل الحنة والثرثرة من رجال ونساء، حتى يتسنى لمن يعيش بمحيطه ان يعيش السكينة ولو لفترة بسيطة من حياته.
-عيد رمي الطماطم في اسبانيا في مدينة بونول في اخر اربعاء من شهر آب: يقوم الجميع بقذف الجميع بحبات الطماطم و تتحول الساحة لمعجون طماط بشري. غير معروف اصل هذا العيد. يقال انه شكل من اشكال الاعتراض على القساوسة و قيل انه أول من بدأ به هم مجموعة مزارعين اعترضوا على تدني أسعار محصولهم. والحمد لله انه هذه العادة لم تصل لأرضنا فلك عزيزي القارئ ان تتخيل أهالي الاحساء وهم يتقاذفون بالبطيخ او أهالي القصيم بالكراث او أهالي الغربية بالتين الشوكي لحدث مصائب و إصابات فالحمد لله على نعمة العقل والإسلام.
-و مشابه للإسبان، يحتفل قرية افريا الإيطالية برمي البرتقال على بعضهم بعض حيث يكررون حادثة 1194 برمي البرتقال على ملكهم. ورغم ان الحكم الان اصبح ديموقراطي، ولكن كيف تقضي على عادة تحولت الى طقوس بلا هدف سوى هدر موارد وطنية.
-عيد الاقتراب من الموت بقرية ( لاس نفيس ) بإسبانيا وهو خاص لمن فقد حبيب او قريب او اقترب من حادثة موت حيث يرتدون الاكفان البيضاء و ينامون في توابيت ويقوم كلا منهم بسرد القصص المرعبة على الباقين وشخصيا اعتبر حضور الروائيين جيد جدا لهذا العيد كي يحظوا ببعض الأفكار.
-عكس عيد راس السنة حيث يتلقى الأطفال المطيعين هدايا، يقوم الالمان بمنح الأطفال المزعجين حفة من الفحم في قرية كرمبوسناخت عقابا لهم على سلوكهم المشين. طبعا هذا لن ينفع كعقاب لدى ابناؤنا الأحباء لأنهم بكل بساطة يهوون اشعال الحرائق وشوي حلوى المارشملو عليها
-يحتفل الكندين بمدينة يوكون بتجميد شعورهم في اشكال غريبة. طبعا هذا النوع من الاحتفال يحتاج شعور ناعمة تتطاير مع اقل نسمة هواء ولن تنفع مع رؤوس تحتاج النيران لتقّوم
- يوم الأموات في المكسيك حيث يتذاكر أهالي الأموات من ذويهم. هنا يرتدون أزياء مرعبة و يشعلون الشموع و يوزرون المقابر في أجواء مهيبة
-يوم الطين بكوريا الجنوبية ولا اعتقد ان هناك داعي للشرح هنا.
-عيد (هولي ) رمي الألوان للإناث بالهند: هذا العيد انتشر في كل بلدان العالم والسبب الاعداد الكبيرة للشعب الهندي. اصل هذا العيد يعود لمعتقدات هندوسية في انتصار الخير على الشر واحراق هوليكا ويقام عند انتهاء الشتاء و دخول الربيع. الألوان المستخدمة هنا كانت تصنع من مواد طبيعية غير ضارة ولكن سجلت عشرات الحالات بانتشار مواد مضرة و تسبب حرقان بالعين والجلد. في عام 2015 في جزيرة بالي تسبب نثر هذه الألوان في انفجار أصاب العشرات . حين حلل المحققون السبب اتضح بوجود مواد صناعية متفجرة بها و كونهم استخدموا آلة لنثرها. و تصادف انني كنت في زيارة لإحدى تلك الدول في وقت إقامة الاحتفال ، وبمجرد ان علمت به اختبأت في غرفتي بالفندق و استمتعت بالتفرج عليهم من اعلى وأنا في أمن وأمان فلا اريد ان يقذفني احدهم بتلك الألوان الصارخة المجهولة المصدر. فانا اعشق لوني الطبيعي و احافظ عليه من لهيب الشموس.
وصلت الى اقتناع ان الأعياد في العالم تكون غالبا لأغراض سياحية و لمنح كل مدينة طابع يميزها. وليس بالضرورة كون ان لها أساس تاريخي او عمق ثقافي بل اقرب الى العبث و الترويح عن النفس. والحمد لله على نعمة الإسلام حيث حثنا على منح طعامنا الزائد لمن يحتاجها من اسر العوز. كذلك عدم إيذاء الاخرين بتصرفات طفولية هوجاء
-