(وقُلِ اعْمَلُوا فَسَيَرَى اللَّهُ عَمَلَكُمْ وَرَسُولُهُ وَالْمُؤْمِنُونَ)
اتوقف دوماً مفكراً عند المعاني العظيمة التي تشير إليها هذه الآية. إنها تلخص معنى الحياة في بضع كلمات وتبتدئ بالعمل ويجب التنويه انه قد ذكرت هذه الكلمة 274 مرة بالقرأن الكريم . نزلت الآية الكريمة في المتخلفين عن الجهاد و كيف داعهم الله بلسان الني عليه افضل الصلاة والسلام الى أداء الفرائض والطاعة و اجتناب المعاصي. لكن هل المقصود بها هي الاعمال العبادية من صلاة وصوم وجهاد فقط او العمل بمجمل العمل وصفاء النية لله تعالى و مساعدة البشر و تيسير امورهم الحياتية؟
أؤمن في قرارة نفسي أن الله عز وجل، أودع فينا طاقة هائلة تزيل الجبال وتطير الحديد وتحفر الانفاق وتنطق الجماد. و أساس نجاح نهضة أي أمة، هي العمل الخالص والنقي من الرياء و التدليس والتشويه. العمل أيها السادة وليس الكلام والخطب الجوفاء. أي بلغتنا الدارجة يجب ان تعمل و تتقن عملك كما يجب، لا كما يرغمك عليه أصحاب السُلطة اللذين تحولوا مع الأسف لأصحاب السَلطة، أي خلط الأوراق كلها بعضها بعض و تناول المراجعين كوجبة دسمة. العمل يكون باليد والتنفيذ وليس بالمعروضات المرئية "البرستنتيشن" حيث تفنن مدمني المكاتب في رسمها بدلا من وضع خطة تنفيذية واضحة على ارض الواقع . كم مشروع تم عرضه بصورة مبهرة و استخدام مفتن للأصوات والمؤثرات. لكن حين احيل المشروع الى التنفيذ، توقف عند اول دقة مطرقة و تحطم على سندان الحقيقة.
لغتنا العربية من اكثر اللغات ترفأً بالمفردات بل ان الاحرف العربية الثمان والعشرين ألمت بكل ما يدب على البسيطة. ولكن هل قوتنا اللغوية أصبحت وبالاً علينا بدلاً من كونها سند لنا للتقدم والتطور؟
منذ سوق عكاظ وحتى يومنا هذا ،و دأب العرب الدؤوب هو نسج الكلمات و رسم المعلقات الشعرية. لو تمعنا في سير العلماء والمخترعين لوجدناهم عاملين منتجين اكثر من كونهم شعراء مفوهين. واذا لمحت مجتمع انتشر به الشعر والغناء فاعلم حتما ان العلماء و أصحاب الأفكار البناءة قد هُمشوا.
سنغافورة تحولت الى احد انظف المدن بالعالم والسبب تبنيها نظاماً صارماً في التعامل مع القمامة بحيث تختفي من الوجود خلال اربع وعشرين ساعة. والسبب هو ان لا مكان فيها للقمامة بسبب صغر حجمها. العجيب انها منعت استيراد العلكة لعلو تكلفة ازالتها من الشوارع و سمعت فقط لعلكة النيكوتين وان كنت اكره هذا القانون الذي اعتبره غير انساني فالعلكة تساعدني في خفض التوتر و لا ادري عن الباقين. رواندا تحولت من بلد مفكك، فقير، مليء بالحروب والقتل، إلى بلد سياحي واقتصادي بعد القضاء على الفساد والعمل بإتقان لإصلاح بلادهم.
العرب لا يقلون فكراً وإرادة عن الشعوب الأخرى و ما يحدث في بلدان غنية بالمصادر الطبيعية و الثروات البشرية مثل العراق والسودان واليمن ومصر ولبنان وغيرها يثير الغضب والحنق حقا فمتى نريد ان ننهض ونسمو كبقية الدول؟
النظافة يجب ان تكون ضمن قوانين صارمة حتى يلتزم بها المواطنين ويتغير الجيل القادم الى الأفضل. أرى إعلانات بوجود غرامات لمن يرمي القاذورات من السيارة و انا نفسي ، وإن كنت كاره لنظرية الغرامات ، فأنا من المؤيدين لهذا القانون و بقوة فلقد اوشكت ان افقد السيطرة على سيارتي على خط عام بسبب سائق مهمل رمي كيس من نافذته. المرافق العامة من حدائق و شواطئ و براري يجب ان تراقب بدقة من مفتشي النظافة ووضع غرامات لكل من يلوث البيئة. فكيس البلاستيك الذي يناولك إياه البائع بكل بساطة يتسبب في نفوق عشرات الأسماك والحيوانات البرية سنوياً. اما قناني البلاستيك فتحتاج لمئات السنين لتختفي و بعض الأنواع لا تختفي ابدا
كل ما يحتاجون اليه هو العمل معاً . لنبدأ بأبسط الأشياء مثل ان نضع تلك الآية الكريمة نصب اعيينا ونجيد عملنا ونتقنه ونيسر أمور البشر كيفما اتفق و حيثما المصلحة العامة. لنبتكر حلولاً عملية مثل إعادة التدوير و الزراعة الحديثة و الارشاد في استخدام الماء والموارد الطبيعية في انتاج الطاقة.
كل تلك الامور لو نفذت لوفرنا الالاف ووظفنا المئات من الجنسين.