مدينة شناص مدينة ساحلية أهلها بحّارة منذ القدم إرتبطوا بالبحر وأعدّوا معه ميثاقاً أبدياً ، وأستغلوا الأراضي بسهولها وهِضاب الأودية وتلالها للزراعات المتنوعة كـ الطماطم والشمام والليمون المجفف والبطيخ والتمور مشكلين تناغماً تجارياً حِرفياً للعمل بذاك الميثاق البحري كميناء لتبادل البضائع المحلية والخارجية بسبب إمتدادها الساحلي والبري ، شواطئها لوحة فنية تشكلها بقايا المراكب البحرية التجارية القديمة التي تأخذك متأملاً بعبق وعراقة ذاك التاريخ البحري القديم والإرتباط به .
شناص المدينة الأساسية وبوابة العبور الرئيسية لأراضي السلطنة العمانية بجزئها الشمالي براً وتُعد منفذاً ومركزاً حدودياً مهماً تربطنا بدولة الإمارات العربية المتحدة بل بدول الخليج أجمع ، وبجهة مغيب الشمس تحدّها مدينة محضة ومن الشرق خليج عُمان أما جنوباً تجاورها مدينة لـوى وتبعد عن العاصمة العمانية مسقط بـ ٣٠٠ كم تقريباً .
مدينة بحرية ذات نشاط بحري حيوي منذ القدم حيث إزدهرت نشاطاتها البحرية وعلاقاتها التجارية مع كثير من الدول ما وراء البحار كـ الهند وزنجبار والبصرة ومع دول الخليج الشقيقة بحراً ، كان التبادل التجاري فيما بينهم قائم على تصدير منتوجات المدينة من الليمون المجفف الذي كانت الحاجة عليه بكثره والصناعات الحرفية والسعفية والتمور وإستيراد التوابل وبعض المواد الصناعية والأخشاب كون أن ميناء مدينة شناص البحري آنذاك يعمل على وتيرة الصيانة للمراكب الكبيرة التي ترسوا بها ومنها صناعة المراكب العادية للصيد .
مدينة تاريخيه عُمانية وكما قرأنا وعلمنا منذ زمن بعيد ومِن الأقوال القديمة المتعارف عليها أنّ من ليس له تاريخ وماضي من الصعب عليه أن يُحدد له هُـوية مدينة ، أثارها التاريخية باقية صامدة على إمتداد أراضيها تحكي لنا قصصاً حربية دامت بين أهالي مدينة شناص والأعداء الذين شنّو حرباً عليها طمعاً بموقعها الجغرافي إن كان براً أو بحراً.
مدينة شناص تشتهر بقلاعها وحصونها وأبراجها المتوزعة على تربتها التي إرتوت بدماء شهداءها قديماً دفاعاً عنها وعن أصالتها وعاداتها وتقاليدها وموقعها المميز ، مدينة عامرة إندثرت جراء الإعتداءات المتفاوته وبقي منها مابقي من قلاع كـ قلعة شناص وحصن أسود وحصن رسة الملح وحصن خضراوين وحصن عجيب وحصن الأسرار وحصن الدار ، ومن الأبراج الأثرية التي كانت تحيط بها كـ برج المربع وبرج أسود وبرج العقر والحارس البحري المسمى بـ برج المرير شامخاً على شواطئها .
شناص وقلعتها التي تقع في وسط البيوت والأسواق القديمة التي تلتف من حولها مُشكلةً ترابطا قوياً وإنسجاماً حضاريا عصرياً في الوقت نفسه كانت يمثابة المحكمة والمدرسة التعليمية لقاطنيها ، وعلى بعد ما ليس ببعيد يقف حصن أسود الحصن الحاضن المانع ويُعد من أهم الركائز التاريخية بالمدينة ببرجيه الرئيسين أحدهما يطل على المدينة نفسها بأعينه الـ ثلاث العالية ( نوافذ عالية بالبرج ) للحراسة والمراقبة ، وبرج آخر أستخدم كملجأ لتخزين الإحتياجات المهمه ويعتبر الحصن مقراً لإجتماعات أهل المدينة والتشاور في العديد من الأحكام والمسائل وحلها وأخذ القرارات التي تعود بالنفع عليهم .
مدينة أشجار القرم الكثيفة التي تمتد على طول الخـور مشكلةً منتزهاً له جماليته الطبيعية الإلـهية وكـنهر متصل بالبحر تتراقص بجنباته الطيور المتنوعة التي إعتادت أن تتعايش بتلك الأجواء الخلابة ، مما جعل ذلك الخور البحري منتزهاً بمصاف المنتزهات السياحية المميزة والتي لابد من الزائر أن يتمتع بجماليتها .
مدينة شناص كانت تعرف بإسم شنص وما يعنى بذلك لغوياً التعلق بالشيء وبعدها أطلق عليها إسم شناص تشبيهاً بالفرس فأخذت من شكل الفرس بطول إمتدادها وأصالتها وجودها ، ولم يكن التشبيه شكلاً فقط بل إندمج بمعنى شدتها ونشاطها وصلابتها وتمسكها بالأرض والعقائد والإيمان بالنصر الدائم ، ويحكى قديما أن تسميتها بهذا الإسم يعود للـفُـرس حسب ما ذكر في الموروثات وتناقله جيل بعد جيل أنها شبيهة مدينة ببلاد فارس إسمها شناص نسبة للقبيلة التي تعيش بها .
شناص المدينة التي ما أن تصل لحدودها البرية تكون لك فيها وقفة لمعرفتها عن قرب ومعرفة حياتها الإجتماعية السلسه وإندماجها بمن حولها من الشعوب فكل الداخلين والخارجين تطأ أقدامهم بهذه المدينة الجميلة ، المدينة الي تصارع قواربها الرياح وترفع سواريها لتجوب البحار مكتشفة ما وراء البحار .
الكاتب : طـارق الصابري
سلطنة عُـمـان