عندما قرأت عبارة قد كتبها شخص ما وجعلها في بطاقة جميلة توزع بين رواد السوشل ميديا جعلني اقف عند كلمة ( النقاش ) فكتب ( احترامك لنفسك هو ما يجعلك تتحاشى النقاش مع كثير من الناس في حياتك )
ومن هنا دعاني الفضول لتوضيح أمر قد يجهله الكثير وهو أن ( النقاش ) أمر محمود ولا يجب أن نتحاشى معه الآخرين .. وأن المقصود في العبارة هو ( الجدال ) الذي بالفعل أمر غير محمود ويولد الشحناء بين أطرافه لأن كلا يهدف إلى انتصار النفس وإن كان على خطأ بل ويعلم أنه خطأ
وقد قرأت كلام جميل حول معنى النقاش والجدال والفرق بينهما وأحببت أن أنقل هذه الثقافة لكم حتى ندرك من يناقشنا ونستمر معه لنستفيد ومن يجادلنا فنوقف معه الكلام ونغادر احتراما لأنفسنا وامتثال لقول النبي صَل الله عليه وسلم حين قال ﷺ:
( أَنا زَعِيمٌ ببَيتٍ في ربَضِ الجنَّةِ لِمَنْ تَرَكَ المِرَاءَ وَإِنْ كَانَ مُحِقًّا، وَببيتٍ في وَسَطِ الجنَّةِ لِمَنْ تَرَكَ الكَذِبَ وإِن كَانَ مازِحًا، وَببيتٍ في أعلَى الجَنَّةِ لِمَن حَسُنَ خُلُقُهُ ) والمراء في الحديث هنا هو الجدال .
وكي تتمكن من صنع صداقات طيبة ووثيقة في حياتك لا بد لك أن تتعلم مفاتيح التحدث مع المحيطين بك فتخلق المواضيع المناسبة وتحاور بأدب ولطف كبيرين وتتقبل اختلاف الآخرين عنك بأفكارهم وآرائهم وطريقة تفكيرهم فكثير منا لا يستطيع تمالك نفسه إذا خالفه أحدهم في رأي معين .. لذلك لابد أن نتعلم الفرق بين النقاش والجدال حتى نكون أكثر وعي ..
فالنقاش يُبنى على أساس الإتفاق بأن كلا الطرفين ( فردين أو جماعة ) يتوقعون أن يخرجوا بفائدة معينة من نقاش ما، ويكون هذا هدفهم الأساسي من خوض الحديث والحوار.
* يمتاز النقاش القائم بين الأطراف بالرصانة والهدوء والإلتزام بآداب الحديث واستماع كل طرف للآخر حتى ينتهي من قول وجهة نظره والتفكير بها.
* يكون مستوى الصوت في النقاش بين الأطراف منخفضاً ويشبه الحديث العادي بين اي صديقين أو شخصين.
* لا يتكلم اي طرف إلا بما يحمله من مخزون أكاديمي وفكري ويقدم معلومة أكيدة أو فكرة ناجمة عن خبرة أكيدة حصلت معه أو سمعها من أحدهم .
* يدور النقاش حول الخروج بمعلومة جديدة وفائدة بغض النظر عن الفائز أو الخاسر.
* لا يهم موضوع النقاش الذي سيتخذه المتحاورون في جلستهم، حيث بإسلوبهم اللطيف واتفاقهم على المبدأ هم قادرون على التحدث بمختلف المواضيع السياسية والإقتصادية والدينية وغيرها من المواضيع الحساسة في أي مجتمع.
أما الجدال فيُبنى على أساس سلبي هو اثبات وجهة نظر أحد الأطراف على حساب الآخر، ولا يكون هدف الأطراف المتحاورة هو التوصل إلى فائدة ترجى أو معلومة جديدة، بل تسود أجواء تنبأ بعكس ذلك .
* يمتاز الجدال القائم بين الأطراف بالحدة والعصبية والتوتر غالباً، ويقاطع كل طرف الآخر ليثبت وجهة نظره بغض النظر عما يقوله الطرف المقابل.
* يكون مستوى الصوت في الجدال عالياً وأشبه بحدوث مشادة كلامية وهو ما يؤدي إلى ضياع الفكرة وغياب الهدف.
* قد يلجأ أي طرف من الأطراف إلى قول ما لا يعرفه أو شيء مبني على الإشاعة والخطأ أو حتى الكذب من أجل إثبات وجهة نظره وحسب .
* يتعلق الجدال بعدم خروج الطرف خاسراً بغض النظر عن موضوع ومحتوى الجدال ومصداقيته.
* يحدد نوع الجدال طريقة الجدال، فيفضل الإبتعاد عن الأمور المفصلية والحساسة كالمواضيع الدينية والعقائدية والسياسية التي قد تكون سببا للعراك والسباب والشتيمة.
للمستشار الإجتماعي الدكتور :
خالد عبدالقادر الحارثي
1 comment
1 ping
علي حسن الشيخي
02/03/2019 at 2:46 م[3] Link to this comment
ما شاء الله تبارك الله موضوع مهم جدا يمس حياتنا اليومية وله أثر كبير علينا فجزاك الله خيرا يا دكتور خالد الحارثي على موضوعاتك الإثرائية الشيقة .