مدينة إبـراء مدينة الخير ومفتاح محافظة شمال الشرقية وبوابتها الرئيسية تستقبل ضيوفها وزائريها مرشدة لبقية المُدن من حولها ذات المعالم الأثرية البارزة حتى يومنا هذا ، لا تخلو المدينة كبقية مُدن السلطنة العمانية بكونها إمبراطورية شاسعة من القلاع والحصون والأبراج التي تقف حارسة عليها وعلى من يقطنها مبشرة بزوارها ومحذرة لمن يعاديها .
مدينة قلعة الظاهر الشهيرة والحصون والأبراج كـ حصن الحوش أو بيت اليحمدي بأبراجها وحصن فريفر وحصن الدغشة والبيت الكبير وبيت القاسمي وقلعة السور وتنضم معهم القرية الأثرية بقرية المنزفة ومن أبرز الكهوف الموجودة بالولاية ( كهف جرف رجيب ) ، وتقف شامخة مناطحة للجبال تلك الأبراج كـ برج الغُبيراء وبرج الوقيف وبرج الصفح والقطبي والناصري والقلعة والمنصور والنطالة والقرين وصنعاء وبرج القرون وداهش والوارية والرفيعة وأخيراً برج سلمان .
مدينة إبـراء والكل يجزم بأن نشأتها ما قبل الإسلام حسب تاريخها وكل من يقصدها زائراً يتمنى أن يرى مسجد العقبة أو بما يطلق عليه ( ذو القبلتين ) إشتهر المسجد حتى أن أتخذ شعاراً للمدينة نفسها ، حيث يوجد بالمسجد من الأساس محرابين الأول بإتجاه بيت المقدس وهي تعتبر القبلة الأولى للمسلمين وبعد أن تحولت قبلة المسلمين إلى الكعبة الشريفة تم إضافة المحراب الثاني بإتجاه الكعبة دون اللجوء لهدم المسجد فبقي المحرابان بحالتهما حتى الآن .
بها قرية المنزفة الأثرية بحصونها وبروجها وأبنيتها القديمة المبنية بالجص والأسمنت العماني القديم بأيادي وصُـنّاع عمانيين ، حيث أنها متقلدة بالنقوش والزخارف القديمة التي بها تصنع لها تاريخاً عريقاً قديماً وتعد هذه القرية من أبرز وأهم المعالم الأثرية في المدينة ، في الماضي كانت تزخر المدينة بـ ٦٤ فلجاً تجري المياه لتروي المدينة بأرضها الخصب الصالح للزراعة في كل شبر بها ، وما تبقى منها الآن غير ٣٤ فلجاً جارياً وأشهرها فلج ( العفريت ، الثابتي ، النصيب ، المسموم ، اللماع ، وأبو مخزين ، مجازة ، والهدمة ، قصيبة ) وبها من العيون عين ( شبيهات ، أبوصالح ، الضيان ) صالحة للشرب ، وأما عين ( مـلـيـح ) تشتهر بطبيعة مياهها في العلاج منها من آفات الأمراض الجلدية .
إبـراء المدينة العملية التي عملت منذ قدمها بالحرفيات والصناعات التقليدية القديمة من أهمها صناعة النسيج وخاصةً نسيج الملبوسات العمانية التقليدية وحرفة الغزل من صوف الأغنام وصناعة الدعون من سعف النخيل والحبال والسميم ومظاريف التمور القديمة ودبغ الجلود وصناعة الأحذية وصناعة عتاد الخيل والإبل وصياغة الخناجر والنحت والنقش عليها ببراعة والحلي النسائية المتداولة بذاك الوقت .
مدينة ( هـبـرا ) التي تحول مُسمّاها إلى مدينة إبـراء لها قصة قديمة يحكيها القدماء متوارثينها عبر الأجيال جيل بعد جيل بعيدة عن التوثيق ، أنه قد زارها وفد ومن بينهم رجلاً يُدعى ( هـبـرا ) وقيل أنه كان أحد قادة الحرب بين قبيلتيّ عبس وذبيان آنذاك بالمعركة المعروفة بـ ( حرب البسوس ) وعند مروره بالأسواق القديمة بالمدينة وجد صائغاً بارعاً يعمل بالنقش وزخرفة الخناجر ، فطلب القائد الحربي من الصائغ أن يصوغ له خنجراً فريداً مخلوط من الذهب والفضة فأحسن الصائغ وبرع في صياغته وبعدها سلّم الخنجر للقائد وطلب ثمناً لعمله ، حيث أن القائد وجد أن أثمن ما يملك هو إسمه فمنح إسمه أمام الصائغ لتلك المدينة فسميت كذلك من يومها ومع مرور الزمن تم تغييرها إلى إبراء .
مدينة إبـراء مدينة الفرسان تبعد عن العاصمة العمانية مسقط حوالي بقرابة ١٧٠كم تحدها مدينة المضيبي من جهتي الشمال والغرب ومدينة القابل من جهة الجنوب ومدينتي دِما والطائيين من جهة الشمال ، ومن المتعارف لدى أبناءها القائمين على تربية الخيل والإبل منذ القدم متوارثين هذه الأعراف من آباءهم وأجدادهم الذين نشأوا فرساناً على ظهور خيولهم وإبلِهم فهي عشقهم الأبدي ، وبكل عام تقام في مدينة إبـراء إحتفالات بهيجة وأهازيج شعبية ممزوجة بصهيل الخيل ورغـاء الإبل .
مدينة إبـراء مدينة الحمد كما أطلق على إحدى قرياتها بإسم اليحمدي ، ومن عجائب تسميتها بهذا الإسم يعود إلى الفلج الذي بها ( فلج اليحمدي ) أنه على مر السنين وفي إحدى السنوات تحديدا في سنة تسميتها صادف أن كل أفلاج القرية ضربها الجفاف والقحط من الماء إلا هذا الفلج لم يصبه شي منذ تواجده وهو يسقي الآلاف من النخيل والأشجار ويتميز بعذوبة مائه وسرعة جريانه ، مما ساعد على جمع الناس والمرتحلين إلى تلك المدينة والحمد على ذلك مشتقين الإسم من ( الـحـمـد ) ، وأطلق عليه إسم فلج ( العفريت ) كذلك لقصة يعود تسميتها لإختلاف أهل القرية في نشأة قربه إلى القرية ويشاع أنه أحدهم من الولاة كان سيحكم الخلاف فيما بينهم ولكن تم حفره ليلا وبسرعة فائقة وما أن أصبح الصبح وجده المُحكّم هكذا فتعجب من الأقوال ومما رأه فأسماه بالـ ( العفريت ) .
3 comments
3 pings
سعيد
28/02/2019 at 5:56 م[3] Link to this comment
رائع جدا
سعيد
28/02/2019 at 5:57 م[3] Link to this comment
رائع جدا وشكرا على المعلومات المثرية
المسكري
02/03/2019 at 8:01 م[3] Link to this comment
ردا على مانشره الكاتب طارق الصابري في صحيفتكم الأنباء العربية
عنوان المقال “هوية ولاية إبراء”
أولا نقدم الشكر والتحية للكاتب ومن خلال اطلاعنا على المقال تبين لنا أن هناك معلومات مغلوطة وغير صحيحة عن مسمى إبراء ولا علاقة للأسم بما ذكره الكاتب مطلقا. فمدينة إبراء هي أرض لقحطان الأوائل وكانت تشتهر بصناعة السيوف والرماح والخناجر وسميت إبراء أي إِبرَاءُ الرُمح (إجعله حادا وثاقبا) وليس من المعقول أن يورد كاتب ما أن مدينة قائمةً مسكونةً شهيرةً لم يكن لها إسم وأن شخصاً ما جاء لِيُصنع له خنجر ووجد المدينة بدون إسم وأعطاها أسمه. وقد ورد في قصيدة بن عديم الرواحي إن إبراء أرضٌ لقحطان وقد أوردنا سابقاً في مقال تم نشرة من قبلنا عن أصل قحطان وتاريخهم وأنهم أستقروا في الجبال العُمانية من ظفار إلى وسط عُمان والمقال تحت إسم ” تاريخ جزيرة العرب ليس للنهب ” وهو موجود على صفحة اليوتيوب .
وثانيا ورد في نفس المقال؛ مدينة إبراء مدينة الحمد كما أطلق على أحدى قراها بإسم اليحمدي.
وهذا أيضا غير صحيح. إذا لايقبل العقل أو المنطق أن هذه القرية موجوده وفلجها يسقي مستمر الجريان ؛ وأنها كانت بدون إسم وهوه يسقي الآلاف من النخيل والأشجار وإن هذه البلد ليس فيها بشر وأنها كانت بدون أسم.
وذكر أيضا مايناقض كلامه؛ وبخصوص ماذكره عن فلج “العفريت” فهو لم يستطع توضيح السبب. ويبين من خلال ماورد أن الكاتب يفتقر الى المعلومات الدقيقة. ومانود تصحيحه هنا بخصوص مسمى اليحمدي أن الأسم مرتبط بالفلج حيث أنه تكون الفلج وثم قامت علية القرية. وإن الفلج كان مُختلفٌ عليه بين طرفين. فأتفقوا أن يقسموا عين الماء الى مسارين. فقام أحد الأطراف بالعمل على جريان الفلج كاملا لمصلحته وأحال مجرى الفلج الى طرفة وقام النزاع بين الطرفين.فذهبوا ليحتكموا الى أحد حكام عمان آن ذاك فلم وصل مندوب الحاكم بعد ٤٠ يوم ليفصل الدعوى. فوجد أن الفلج أحيل عن مسارة وأن الماء قد جرى والزرع قد قام فثبت حكمة على مارأى وأصدر حكمة للنص الآتي :
” الماء جرى والليحهمدى والفلج سقى ”
فثبت الفلج على ماهو عليه وخسر الطرف الثاني المنازع.
معنى كلمة الليحهمدى هي: إحالة مجرى الماء أو ميلان المجرى وتسمى الليحه أو الحيله.
وجاء سبب تسمية اليحمدي من الليحمدى.
نرجو منكم التكرم بتصحيح الخبر أمانةً للتاريخ ونتمنى من كتابنا الأعزاء أن يتحروا الدقة ويتقصوا المعلومة حينما يتكلموا عن التاريخ.
عبدالله بن سعيد بن أحمد المسكري
٢٨ فبراير ٢٠١٩