ما تحدد وما لا تحدد في الرواية،
هناك أشياء كثيرة ثابته وهناك امور متغيرة في الرواية. حتى لا يتشتت ذهنك ما بينها وحتى تصل الفكرة سليمة إلى القارئ دون تشتيت ذهنه. يجب أن تثبت بعض الأمور مثل التاريخ والاجواء والمدن والشخوص مثال عندما تقول أن الجو حار فلا يمكن أن تقول ان الشهر هو شهر كانون الأول والعكس صحيح. المدينة ايضاً فلا يمكن ان تصف الرياض إنها ثلجية إلا اذا اردت ان تكتب في الخيال العلمي، هنا ضع مبررا معقولا واكتب ما تريد. مثلاً قل إن نيزك مر بكوكب الأرض وسبب تغيير محور الارض. ربما بسبب تنقيب عن آثارا من حضارة قديمة سبب فوران ينابيع ماء عذب سقى الصحراء فصارت غابة. او قنبلة ذرية فجرت في بحيرة فيكتوريا فتحول مجري النيل إلى غرب إفريقيا.
لذلك اسأل نفسك حين تنتهي من الرواية، هل هذه الاحداث متناسقة مع بعضها ومهما اتسعت الاحداث فهي تدور حول محور ثابت.
لذا حدد الوقت الذي يناسب روايتك ثم حدد صفات الشخوص ولا تكن مباشراً دائماً مثال بدلاً من ان تصف شخص انه طويل قل إنه ينحني لدخول السيارة أو للحديث مع الناس. هنا ثبت الشخصية طوال الرواية انه طويل ولا يحتاج إلى سلم أو كرسي للوصول إلى اغراضه. سيفهم القراء انه طويل بدون ان تقول مباشرة انه طويل، وهنا تكمن براعة الروائي في صياغة الشخصية. امر اخر مثلا الذكاء لا تقل ابدا عن شخصيتك انه ذكية. دعها تتصرف بذكاء وبدقة في التعامل مع الأوضاع والأفكار والظروف وكيف تبتكر الحلول مهما استعصت الظروف. ثم هناك دقة الملاحظة، كيف تلاحظ الشخصية الأمور الدقيقة التي تخفى عن الأشخاص العاديين. كل تلك الأمور يضعها الروائي المحترف امام القارئ ويخلق له الأجواء المناسبة ولا يصرح ابدا بها بل يترك الامر لمخيلة القارئ يشكلها كيفما اتفق. شخصياً انا اكتب الشخوص على ورقة جانبية حتى لا الخبط بين الشخوص.
امر اخر مهم وهو اتساق الاحداث والظروف المكانية، الطعام والملابس وأسماء الشوارع امر حيوي يعكس المنطقة وينمي خيال القراء. بل ان من وصف تلك الأمور يمكن للقراء ان يتصوروا المدينة المعنية فورا و ينتقلون رأساً اليها. مجرد قولك ان شخص يرتدي الشماغ الأحمر والثوب الأبيض ومتجهة لتناول وجبة الغداء التي هي عبارة عن كبسة، او قولك شخص يرتدي الجلباب وقد لف راسه بعمامة و متجهة لتناول الفطير المشلتت، او شخص يرتدي بنطال من الجينز و قميص و متجه لتناول الهوت دوق. فورا يتخيل القراء ان المدينة الأولى غالبا سعودية بينما الثانية مصرية والأخيرة غالبا أمريكية.
الأمور الباقية تهذيب و ترميم للرواية لذا غيرها حسب سير الرواية والاحداث والمشاكل التي تحدث حيناً. أحياناً تحتاج إلى تفعيل قوة الوصف والا جربها بنفسك. ستيفن كينج ربط ابنه إلى عمود السرير حتى يتمكن من اتقان وصف حدث في روايته. ان لم تعجبك الاحداث غيرها على الفور. في روايتي الثانية " رسائل ودم بارد" طلبت من مدرب فنون قتالية ان يعلمني كيف اتخلص من شخص يهددني بمسدس من الخلف، هنا طبقت التدريب تماما في شخصية جمال اثناء شراءه للآيسكريم. الخلاصة لابد ان تتوافق كلها مع بعضها بعض