"أرق"
حين يخلد الجميع للنوم حتى الحشرات وصفارات الليل والضفادع التي تعزف دوما على أوتار الظلمة ، تبدأ رحلتي في البحث عما أمضي به ليلي دون أن يتخللني الملل .
الساعة لازالت تشير إلى الـثانية عشرة، والسكون يعم العالم ، لا شيء سوى صوت عقارب ساعتي ، والبرد الذي تهفو نسماته نحو جسدي للحظات ثم تختفي ، قارب الفيلم الوثائقي الذي أشاهده على الانتهاء ، ولم أنغمس حتى الآن في محتواه ، كان يتحدث عن منازل الأسبانيين الضاربة في القدم وكيف حولوها من تراث وأساطير للخرافات وقصص الأرواح الشريرة إلى بنايات حديثة وتصاميم رائعة يا للملل ربما فيلم رومانسي سيكون مجديا في انتشالي من مللي هذا ! وضعت فيلما رومانسيا إيطاليا مترجما إلى اللغة الإنجليزية ، وصنعت لنفسي جوا سينمائيا ، رقيقات ذرة ومشروب غازي وشاشة عرض وظلام مطبق ، الجميع نائمون وأنا وحدي هاهنا .
حين انتصف الفيلم ، أوقفت العرض لبرهة بعد سماعي لصوت ما خارج الغرفة ، نبضات قلبي تتسارع خوفا ، رفعت ضوء الأباجورة متوجهة نحو الباب ، أفتحه ببطء شديد وأنا ابتلع خوفي بذكر الله ، آه حمدا لله لا أحد إنه صوت باب الغرفة المجاورة ربما أحدهم استيقظ لشرب الماء أو أنها رياح نافذة الصالون المشرعة تداعب الستائر ، عدت لغرفة الجلوس مجددا ، لم تجدِ فكرة الفيلم الرومانسي كذلك في اجتذابي نحو التسلية وتضييع الوقت ، فقد كان ذهني مشتتا وأفكاري مبعثرة ، أطفأت التلفاز وتوجهت نحو المطبخ ، لم أكن جائعة ولا عطشى ، لكنني أيضا كنت أريد تمضية وقتي بأي شيء ، شطيرة تفاح وكوب حليب بارد كان ذلك خياري ، خرجت من المطبخ متوجهة نحو غرفة الجلوس ، وسيل من الأفكار المملة تتدفق في رأسي ، ما أطول الليل وما أقل الأفكار التي يمكنني بها قضاؤه ، ماذا علي أن أفعل ، اجتذبت جهاز الحاسوب وأخذت أتنقل بين المواقع والمنتديات ، لم أجد فيها ما يغري بالمكوث سوى لممارسة الألعاب الإلكترونية ، وبعد مراحل عدة وتكرر الخسارة شعرت بالملل انتقلت لبريدي الإلكتروني ، ثم حسابي في موقع للتواصل الاجتماعي ، ثم ماذا ؟ شعرت بالملل فوضعته جانبا دون إغلاقه .
يا إلهي .. لا زالت الساعة تشير إلى الـثانية والنصف بعد منتصف الليل ، ما أطول هذا الليل ، أمسكت بدفتر مذكراتي وخواطري علّي أمارس هوايتي فينقطع جزء من ليلي الذي أبى أن يمضي ،
حاولت الكتابة لكن ريشة قلمي تجر يدي نحو بداية السطر مرتعشة وتعود خاوية ، أغمض عيناي وأستجدي قريحتي دون فائدة ، شعرت حينها بالجفاف وعدم القدرة على التفكير بأي شيء ، وضعت القلم بهدوء وأعدت ظهري للوراء حيث الحائط الخلفي لكرسي المكتب ، بدأت علامات التعب تغشى ملامح وجهي ، وأخذ البرد يزداد باقتراب الفجر ، ويزداد معه الحنين إلى دفء الفراش ، أغمضت عيناي لبرهة ، ثم فتحتها بسرعة وأنا أردد "لم لا ؟!" إنها فكرة لمعت فجأة برأسي ، نهضت مسرعة لتنفيذها ، توضأت وارتديت لباس الصلاة ، ثم افترشت سجادتي التركية في ركن قصي من الغرفة ودخلت في الصلاة .
ارتياح عظيم يسري بجسدي ، تطايرت الأفكار المبعثرة كما لو أن لها جناحين من رأسي فور دخولي في الركعة الأولى .
استرخاء بالغ طال أطرافي وأنا أردد "وله ماسكن في الليل والنهار وهو السميع العليم" ، أسجد فينسكب قلقي عبر شراييني إلى حيث لا أدري لكنه يرحل ، وفي السجدة الأخيرة ، شعرت بهواء بارد يلف جسدي ، أمسكت بمصحفي الصغير واحتضنته ناعسة ، ومن بعيد .. يُرفع أذان صلاة الفجر وتعود الحياة والناس والعصافير لتستيقظ من جديد ..
الكاتبة ....تغريد العلكمي
- 28/03/2024 ابو الغيط يستقبل اللورد طارق احمد وزير الدولة البريطاني لشؤون الشرق الأوسط وشمال افريقيا
- 27/03/2024 بإستثمارات 2 مليار جنيه “مزارع بشاير الشوربجى” تٌنشأ أكبر مجمع لصناعات التمور فى العالم فى مدينة الفرافرة – سهل بركة
- 26/03/2024 المملكة ترحب بقرار مجلس الأمن الدولي الداعي إلى وقف فوري لإطلاق النار في غزة خلال شهر رمضان
- 25/03/2024 «الموسى»: تسهيلات لمشاركة الشركات المصرية في معرضي هيلث تك وسمارت فيوتشر بالرياض مايو المقبل
- 25/03/2024 مواجهات سلسلة FIFA تتواصل في جدة بمواجهتين يوم الاثنين
- 22/03/2024 وزارة الرياضة تُعلن طرح فرصة استثمارية لمشروع “المستضيف المحايد” في مدينتَي الملك عبدالله والأمير عبدالله الفيصل الرياضيتين
- 21/03/2024 الوزير السديري يعلن عن ميعاد إنطلاق بطولة العالم للملاكمة العربية بدولة الكاميرون
- 21/03/2024 نائب أمير مكة يطلع على مشروعات وبرامج قطاع الطيران المدني بالمنطقة
- 18/03/2024 مستفيدو صندوق الشهداء يشهدون ختام جائزة السعودية الكبرى ل «الفورمولا 1»
- 16/03/2024 المملكة ترحب بقرار اعتماد الامم المتحدة”تدابير مكافحة كراهية الإسلام”،
الكاتبة تغريد العلكمي
أرق ..
Permanent link to this article: https://aan-news.com/articles/12731.html/