تساءلتُ أمسِ عنْ كتابٍ افتتَحْتُهُ بكَ وختمْتُهُ بكَ وأمليْتُ فيهِ كلَّ ما أحبُّ فهلْ حركتُ فيكَ ذرَّةً منْ حبٍّ فأنتَ حبٌّ فتَنَني وبعْثَرَني كورقٍ أصفرَ أبْصِرُ فيكَ كلَّ براءَةِ الأطفالِ وعنادَهم وأرى فيكَ أخلاقَ الفاتحينَ الغزاةِ كلما فتحوا بلدًا كتبوا فيهِ إنكَ منْ أملاكنا فلا تحلُّ لغيرنا فإياك فإنكَ أصبحْتَ كلمَةً نُلقيها وجُمْلَةً نكتبُها وإنْ مررتَ بالحبِّ فلا تقلْ إنكَ تحبُّ ولا تقلْ إنكَ تشرَّفْتَ بحبٍّ فأنتَ أحببتَ الريحَ وغازَلْتَ المطرَ فهلْ أحببْتَ ومتى تشرَّفْتَ ؟...
سيدي كتبتُ لكَ حكايَةً من حكاياتِ الجنِّ في ليلٍ بهيمٍ وأنتَ تسألُ مَنْ كتبَ ومَنْ أملى وكدتُّ أكتبُ
لكَ قصةَ فتاةٍ أحبَّتْ وكانتْ تفكِّرُ بمَنْ تحبُّ فتكتُبُ لهُ مِنَ القولِ أحلاهُ ومِنَ الغزَلِ أغلاهُ ملأتْ بحبِّها كتبًا وأحرَقَتْ بحرارة قلبها حروفًا وجملًا تُمْسِكُ بورقةٍ وتكتُبُ فيها كمْ أنا أحبُّ فلانًا فتقولُ الورقةُ:
إنكِ تحبينَ مَنْ يؤلمُكِ فتردين إني أحبُّهُ فأحبيهِ مِنْ أجلي وحبي له كمَنْ أحَبَّ شجرةٍ أورقَتْ لغيره وأثمرَتْ لأناسٍ كانوا بها من الحالمين وأذْكُرُ كَمْ كنتَ تقلبُ طرفَكَ في السماءِ وتذْكُرُ كلَّ ما قلْتَ وما فعلتَ وأنا أمسكُ بناصيتِكَ وأمسحُ عليها برفق وأنَاٍة فأكادُ أجدُ حرارَةَ الشوقِ ومنتهى الحُبِّ وأحسُّ فيها بدفءِ القربِ فتربتُ على يدي برفقٍ
وأنا بينَ حبٍّ ووَجْدٍ وإنْ ملأتُ منكَ عيني تحيَّرْتُ فيكَ فأنتَ صورَةُ حُبٍّ كُتِبَ عليها رجاءٌ وابتهالٌ ، وإنْ رسمتُكَ بالقلبِ فأنتَ قسمْتَ قلبي إلى نصفين كلُّ نصفٍ حلفَ أنْ يحبَّكَ أكثرَ منِّي تعلقني بأي شيءٍ ترغمني على حبِّكَ وهلْ تدركُ ما فعلْتَ بي وبقلبي وبروحي فكلُّ ما بي أقرَبُ إليكَ منِّي وأنا كتبْتُ لكَ كتابَ وداعٍ وحلفْتُ فيهِ أنْ أودِّعَكَ بلا رجْعَةٍ وأنْ أغلقَ بابًا شرعْتُهُ لكَ فلمْ تدخلْهُ ورددتَهُ بوجهي فكانَ البابُ الموصودُ الذي لمْ يُفْتَحْ أبدًا وحبُّكَ كانَ فيهِ فهلِ استلمْتَ كتابي وهلْ قرأتَ ما فيهِ فإني بدأتُ أحبُّكَ وأحبُّكَ وأحبُّكَ حتى إنكَ لمْ تحبَّ نفسَك كما أحببتُكَ ولمَ
تحِبَّ مَنْ يحبُّكَ كما أحببْتُكَ ولمْ تعرفْ حبًّا كما أحببتُكَ وأنا نشدتُّكَ الله هلْ حاولتَ أن تحبَّني وإنْ حاولتَ فأنا أنشدُك الله هلْ حاولتَ أنْ تقولَ لي وإنْ قلتَ هلْ أحببتَني ؟
وإنْ كتبَ الله لي أنْ أحبَّك فلا تقلْ عاشقَةٌ وكتَابٌ فكتابي هذا كتَاُب وَدَاعٍ .