
لطالما وقع أشخاص في مشكلات هم في غنى عنها بدافع حسن النية والجهل بالقانون، فمعرفة الحد الأدنى من الإجراءات القانونية توفر الكثير من المعاناة، وصدق القائل «قطرة من بحر القانون تحمي من الغرق في كثير من المشكلات». الوعي بالقوانين ضرورة حياة، في ظل تطور التقنيات العصرية وظهور جرائم عمادها التقنيات وتتطلب خبرة ودراية، وأمام كل ذلك تبقى القاعدة الذهبية، أن الثقة العمياء في التعاملات القانونية تعد جهلاً.
هذا ما وقعت فيه، «مريم» سيدة في منتصف العقد الرابع من عمرها، أحاطت بها ظروف اجتماعية خاصة، فبعد أن أنهيت خدماتها الوظيفية، حصلت على مستحقاتها، وأرادت أن تستثمر أموالها، بزيادة دخلها، حيث تعرفت على إحدى الصديقات، وحدثتها عن ظروفها، لا سيما وأن لديها 4 أطفال تدفع أقساطا مدرسية لهم، إضافة إلى أجرة السكن.
أحلام
عرضت عليها صديقتها تعريفها على شخص عنده استعداد كي يستثمر لها أموالها ويوفر لها ربحا مجزيا يغنيها عن راتبها الذي فقدته، وجاء الشخص في موعد تم تحديده على عجل، وبرفقة صديقتها التي عرفتها على المستثمر صانع الأحلام، وشرحت مريم لضيوفها ظروفها ورغبتها بالاستثمار، تحدث الشخص بثقة عالية عن أهمية أن يكون للشخص موارد مالية إضافية، وعدم تجميد أمواله، وبلغة الأرقام تحدث عن الاستثمار في العقارات والأسهم والبورصة والتجارة، وضرب أمثلة عن أشخاص استثمروا مبالغ بسيطة، وباتوا يملكون مئات الآلاف والبعض عددا من الملايين .
اعتقدت مريم أنها وجدت ضالتها، وسوف تحقق أحلامها الموؤودة، فسألها عن المبلغ، وعلى الفور ردت 500 ألف درهم، صمت قليلا وكأن المبلغ أقل من توقعاته، قال لها سوف نجد طريقة، سوف أقوم ببعض الاتصالات وأجد مشروعا مناسبا، وبعد الوعود المعسولة خرج على أن يتصل بها، إلا أنه لم يتصل، وباتت هي تتصل به كل يوم تسأل عن المشروع الموعود والرد دائما انتظري، فبات ذلك هاجسها اليومي، وعاشت بالأحلام والأوهام.
صبيحة أحد الأيام، رن الهاتف، وإذا به على الخط، طلب منها أن تجهز المبلغ، سوف يأتي بسرعة، كونه على موعد مع أحد المستثمرين، قامت بإخراج المبلغ، وماهي إلا دقائق حتى حضر مسرعا، طلب منها على عجل أن توقع على بعض الأوراق المكتوبة باللغة الإنجليزية لم تكن تجيدها، ودون أن تعرف مضمونها، ظنا منها أنها شرط العقد، على نسختين واحدة لها والأخرى له، حفظا لحقوق الطرفين واستلم المبلغ وغادر.
وبعد أيام حاولت الاتصال به فوجدت هاتفه مغلقا، أعادت الكرة، ولم تحصل على رد يشفي غليلها، اتصلت بصديقتها، فكان هاتفها أيضا مغلقا، بدأ الشك يراودها، اتصلت بأحد الأقرباء وأبلغته بما حدث، وأيقنت أنها وقعت ضحية عملية نصب واحتيال، فتقدمت بشكوى وكانت المفاجأة أن الشخص وصديقته غادرا وتركا لها أورقا باللغة الانجليزية مضمونها أنها هي مدينة للشخص وله في ذمتها مبلغ 500 ألف درهم والتوقيع عبارة عن سند أمانة، ولا شيء لديها من إثبات تقدمه للقضاء سوى الكلام، والنية الحسنة، فضاعت الأحلام وأصبحت أوهاما.
قضايا
المحامي سالم بهيان، يقول: إن الواقعة واحدة من قضايا كثيرة يقع بها الأشخاص، بسبب جهلهم بالقانون والثقة العمياء .
ويشير إلى أن طرق النصب والاحتيال متعددة الأشكال، توقع العديد من الأشخاص في المحذور، وليس هناك عــذر للجهل في القوانين، ويجب على الشخص أن يحتاط من كافة الجوانب القانونية في مثل تلك الحالات، وعدم الدخول في شركات وهمية، أو غير قانونية، وأشخاص غير معروفين بالاســـــم والمكان والوضع المادي والقانوني لهم.
ويلفت إلى ضرورة عدم تسليم الأموال بدون إيصالات، أو عقود مكتوبة وبصياغة قانونية وموثقة لدى الجهات الرسمية، تثبت شخصية جميع الأطراف، ضمانا للحقوق، ولا يعذر أحد لجهله بالقانون أيا كانت الظروف المحيطة به، إن قطرة من القانون، تحمي من الغرق في بحر المشكلات.