أجبرت الجمالية الطاغية والمشهدية البصرية المبهرة التي حفلت بها مسرحية عروش الجمهور وعلى رأسهم سعادة وكيل إمارة منطقة الباحة على اراقة الابتسامات والضحك بين يدي المساء .
ولم تمنع ممثلي العرض جدلية الموضوع ولا المعالجته النخبوية إخراجياً من جر العرض إلى منطقة الضحك والإدهاش بحس فني عال تظافر مع رؤى إخراجية حديثة تقارب الفكرة عبر أدوات مسرحية صرفة تقل فيها مساحات الكلمة والحوار لصالح الحركة والضوء والأزياء والماكيير لتشكل معاً سينوغرافيا مدهشة في هذه الأجواء الخلاقة جرت أحداث عروش فظفر الحضور بمتعة الضحك والفكر والإدهاش والتعبيرية العميقة معاً وهذا الحشد المتنافر قلما يتزاحم في عرض واحد ،
فإما طرح نخبوي صرف
وإلا فبساطة طرح مفضية إلى الضحك .
هذا الواقع يؤكد أن فرقة عرض (عروش )كانت تجمع بين أعضائها الفسطاطين معاً مما ينبيء عن انبثاق جماعة مسرحية لها خطها المتفرد .
يُشار إلى أن العرض المسرحي “عروش” من تأليف الكاتب الشاب محمد السحيب واخراج ناصر بن محمد العُمري.
ورغم خطها الفكري الذي يناقش قضية وجودية وجدلية بين الانسان والشيطان كثنائية ضدية إلا أن مسرحية عروش انتزعت الكثير من الاعجاب والإحتفال بعودة المسرح في الباحة وعبر عنه الجمهور عن موقفه منها من خلال مواقع التواصل فصعدت اولاً على قائمة الترند عبر منصة تويتر
وأبهر الممثلون الجمهور بأداءاتهم الرصينة وانضباطيتهم فيما جاءت الحلول الاخراجية مبهرة وارتهنت إلى مسرح الضوء والصوت عبر تشكيلات مبهرة مصحوبة بالمؤثرات الصوتية والموسيقية وبدا ظاهراً أن المخرج أتجه نحو تجسيد الجدلية عبر أدوات المسرح مستخدماً الرمز والايحاء البصري المبهر وأجساد المؤدين لتجسيد القضايا التي رأى الكاتب الشاب أهمية طرحها من خلال حكاية شباب يتيهون في رحلة فيدخلون كهف أبليس ليصادفهم متاعب لاتنتهي .
ومن اهم القضايا التي تبرز على السطح في علاقة الشيطان مع الانسان موضوع الشجرة وجاءت كقضية كبرى في الصراع وجرى تجسيدها عبر اجساد الممثلين ، وكذلك سيرة حياة الانسان الممتدة حين يجسد على شكل اجساد تذرع المسرح بشكل متماوج على إيقاع موسيقى هادئة لكنها لاتستمر دون معوقات تُغير الوجهة و كذلك يفعل الشيطان الذي يتربص بنا
العرض يستلهم فنيات مسرح الضوء والظلام ويفيد منها
كما يفيد من ثنائية الابيض والاسود التي تتضافر مع المؤثرات لخلق حالة نفسية (الخوف) والرعب حين ندخل عروش الشياطين تتقاطع الفكرة مع فكرة فاوست الذي رهن روحه للشيطان مقابل الحصول على المعرفة المطلقة رغم ان الانسان يملك العديد من الاسلحة لحماية نفسه من إغواءه .
العرض يحفل بالاسئلة :
هل نستطيع هز عرش الشيطان؟ هل نحن على حق حين نرتكب الجرائم بمحض ارادتنا ؟ثم نتهم الشيطان بأنه هو السبب ؟
حضور وكيل الامارة الدكتور عقاب اللويحق وجد صدى واسعا واستقبله المسرحيون بالرضا التام
وقد عبر مخرج العرض ناصر بن محمد العُمري عن بهجته بما قدمه الفريق من تميز واداءات .
كما أثنى على حضور وكيل الأمارة ومشاهدته لمحتواه مؤكداً أن حضوره شكل دعماً مهماً للمسرح في الباحة ويعكس الإهتمام بالثقافة.