تَحْتَ المَطَرِ
—————
أردتُّ أنْ أبتهَلَ إلى الله سبحانَهُ في ليلةٍ مطيرةٍ فتأمَّلْتُ السحُبَ وشاهدتُّ البرقَ واستمعتُ إلى صوتِ الرعْدِ وكرهْتُ أنْ أفكِّرَ بشيءٍ غيرَ خلقِ الله فاحترْتُ فكنتُ في المطرِ وكنتُ في السحابِ وكنتُ في البرقِ والرعْدِ فبادرتُ الى حلَّةٍ كنتُ أحبُّهَا ولبستُهَا في حرصٍ كي لا تغمرَهَا مياهُ الامطارِ واحترتُ في حسني فهلْ أنا بشرٌ انتقاني ربي كي أكونَ جميلَةً جداً فاحتجتُ إلى مَنْ يبادرُني بكلمَةٍ فاحترسُ منَ الغرورِ فكنْتَ أنتَ فأحببْتُ أنْ أراكَ في هيئَةِ بدْرٍ فكانَ أنْ غطتْكَ سُحُبٌ فيها رعدٌ ومطرٌ وفيها ركامٌ وثلجٌ ، وأردتُّ أنْ أبتعدَ فلمْ أستطعْ فكلُّ برقَةٍ تبدو كأنها أنتَ فتأملتُكَ في البرقِ وحلفتَ أنكَ البراءَةُ في كتابٍ والحبُّ والسرابُ وأنتَ كلُّهُمْ فمنْ تكونُ؟؟
وما إنْ سقطتْ أولُ قطرَةِ مطَرٍ حتى جريتُ كي ألمَّهَا فلمْ أستطعْ ومددتُّ يدي كي تمتلئَ بحباتِ مطرٍ تستقبلُهَا الأرضُ فلمْ ألِمَّ إلا حسْرَتي فأردتُ أنْ أحسِبَ كمْ حبَّةٍ سقطتْ فتذكرتُ أنَّ الغيْثَ متى نزلَ يملِكُهُ كلُّ الناسِ فإنِ انتشرَ يحبُّهُ كلُّ الناسِ وإنْ بدَا في الأرضِ فهو زرْعٌ أخضرُ ، فأنتَ هو وأنتَ الحُبُّ . فيا سيدي لا تحبَّ فأنا أسيرَةُ ما أعطيتَني فأنتَ مطرٌ في الشتاءِ وبرْدٌ في الصيفِ تكادُ تكونُ حلمًا في خيالِ كلِّ فتاةٍ تشدُّ إليكَ كلَّ حُبٍّ وتتجلَّى في كلِّ مكانٍ فلا عتمَةَ في مكانٍ أنتَ فيهِ ولا كربَةَ في مكانٍ أنتَ بهِ فكيفَ لا أحبُّكَ ! وكيفَ لا أحتاجُكَ وفيكَ كلُّ أحلامِ النسَاءِ وكلامُهم فلا تغضبْ إنْ أنا أحببْتُكَ فأنا واحدَةٌ مِنْ كلِّ النساءِ وأنا أدركُ كمْ أنا بعيدَةٌ عنكَ فأنا أحسبُكَ في مكانٍ لا تصلُ إليهِ برقَةٌ ولا رعْدَةٌ فمكانُكَ قَصِيٌّ لا يُنَالُ ، فإنْ ركبتُ إليكَ الريحَ فلا تَلُمْني وإنْ ارتديْتُ في رحلتى أحلى ما عندي فلا تلمْني فأنا ذاهبَةٌ إلى حيثُ أحبُّ وأنتَ مَنء أحبُّ ، فإنْ أبديتُ لكَ حبي فلا تسألْني عَنْ حُبٍّ أنتَ لمْ تكلفْ خاطرَكَ السؤالَ عنْهُ وامتدحْ أثوابي وأحسنِ الحديثَ حتى أكتُبَ لكَ ردًّا وأغادرَكَ فأنتَ في مَحَبَّتِكَ لا تذكرُ فسأذَكِّرُكَ وأحتكِمُ إلى حُبٍّ في عالم أنتَ غادَرْتَهُ ونسيتَهُ وأنتَ لا تعرفُ متى تُمْطرُ، فهلْ يأتَمِرُ السحابُ بأمْرٍ وهلْ يضيءُ البرْقُ بأمْرٍ ؟.
هيفاء الأمين