مسقط العاصمة العُمانية .. العاصمة التي يسقط الإنسان في حُبها الهادئ وجمالها الطبيعي وتنظيمها المعماري ، ولم يأتي مُسمّاها عبثاً فهي بموقعها الجغرافي ساقطة بين الجبال كمدينة عامرة تمزج بين الطبيعة والأصالة والمعاصَـرة .
مسقط المُـطلّه على بحر عُـمـان من جهة والمحيط الهندي من جهة أخرى ، ويتزين بحرها المتلألئ نهارا وليلاً بسواحل مسقط قلعتيْ الميراني والجلالي وتعدان قلعتان تاريخيتان بُنيتا على عدة أسس منها الجمالية العمرانية للمدينة الساحلية وإستخدامها كموقعين للمراقبة وإدارة الحكم منها قديما .
مسقط العامرة وإنخفاض مبانيها البيضاء هي صفة لمعظم المشهد الحضاري المتناسق مع الطبيعة ، وهي العصب الرئيسي الذي تجتمع بها السياسة والإقتصاد والإدارة المُحكمة وهي من أقدم المدن تاريخيا ، وعلى حد قول أحد المؤرخين الفرنسيين في علم الآثار ” إنه خليج هادئ مُحاط بنطاقات ثنائية واسعة من الصخور ، وماءُها الأخضر يحيط بأرضية مدينتها البيضاء ” .
مسقط البيضاء بمعمارها المتساقط بين أروقة الجبال الطبيعية إمتداد للماضي وإحياء للحضارة ، تشتهر بمعالمها التاريخية وكثرة متاحفها سواء كانت أهلية أم مُلكاً للسلطنة وأبرزها المتحف الوطني العماني الذي يعرض نحو ستة آلاف قطعة من التحف والمقتنيات ، ويتواجد بالمتحف عدد 14 قاعة تشمل عناوين عديدة ولكل قاعه أهمية خاصة أبرزها ” ما قبل التاريخ والعصور القديمة ” .
مسقط العريقة تُعد من أهم وأقدم الموانئ العربية في شبه الجزيرة العربية كما كانت مركزا تجارياً بين الشرق والغرب ، وإرتباطها بالبحر منذ نشأتها لهذا تصدرت بأن تكون في طليعة المدن لأهميتها التجارية والسياسية ما بين المدن قديما ، ناهيك عن الهجرات العربية التي سبقت وأعقبت إنهيار سد مأرب أي أن إمتدادها التاريخي يعود إلى ما قبل ظهور الإسلام بعدة قرون .
مسقط الأصيلة بشعبها المتعايش والمتصالح مع نفسه والمتسامح ، ومن ما ذُكر عن الرحالة البريطاني عند زيارته لـ مسقط قال ” هؤلاء العرب مهذبون جدا في تصرفاتهم ، وفي غاية اللطف مع كل الغرباء ، فلا أذى ولا إهانه يمكن أن تصدر منهم لأحد ، ومع أنهم معجبون بدينهم ومتمسكون بمبادءهم فإنهم لا يفرضونها على أحد ” .
مسقط الطبيعية خلقها الخالق بطبيعة جمالها ومرسومة لا تحتاج إلى إضافات ومساحيق تجميلية ، فهي واحة من الخضرة والنظافة والنظام حيث أن صيفها الحار ملاذ للكثير وشمس شتاءها الدافئ ملاذ لأهلها ، وتكثر بها السياحة للإستمتاع بمناظرها الطبيعية من الحدائق والمنتزهات ونواديها المتعددة والمنتجعات التي تطل على شواطئها الهادئة الممزوجة برمالها الناعمة .
مسقط الساحرة التي تنقسم ولاياتها ما بين السّيب و بُـوشر و العامِرات و قُـريات و مَـطرح و مَـسقط نفسها ، وبتكاتفهم جنبا إلى جنب حتى جعلوها تتميز بشبكة طرقها الحديثة وخدماتها المتطورة المنظمة حتى حازت على شرف الفوز في مسابقة ” أنظف مدينة عربية ” لعدة مرات وعلى التوالي ، فهي مدينة الإستجمام للكثير والراحة والهدوء نادرا ما تلاقي هدوءاً في عاصمة كمثل هدوء مدينة مسقط .
مسقط التجارية نشطة تجاريا وإقتصاديا على المستوى المحلي والخارجي بأسواقها منذ القدم وحتى الآن ، وبما أن موانئها كانت نقطة تمركز للعديد من السفن شهدت مطرح سوقا قويا وتراثيا بمعماريته لموقعه المتناسب بالقرب من الميناء ، ويعتبر من الأسواق النشطة في بيع التراثيات والمنتجات الحرفية والفضّيات والأقمشة والحُـليْ والحلوى العمانية المميزة .
مسقط السياحية ” هُنا يُمكن للغريب أن يذهب حراً حيث يُريد ” ختام من مقولة المؤلف والصحفي الإنجليزي ، لك أن تمضي بمسقط أجازتك مستمتعاً بشواطئها كـ شاطئ البُستان وقنتب والجصّة والقرم والخيران والسيفة ، أو بمتاحفها كـ المتحف الوطني العُماني والعماني الفرنسي وبيت الزبير ومتحف العملات النقدية العمانية والقوات المسلحة ، أو بأسواقها ومراكزها وفنادقها الهادئة الخالية من الضوضاء .
الكاتب : طارق الصابري
سلطنة عُـمـان
1 comment
1 ping
أم ركان
30/03/2018 at 6:20 م[3] Link to this comment
يعطيك العافية على الوصف الجميل.