عبر نواب محافظة قابس عن تذمرهم من تواصل حالة الفراغ الإداري بمناصب حيوية في المحافظة وتغاضي الحكومة عن التسريع في إنهائه، ولوح هؤلاء بتنفيذ إضراب عام دعما لتحركات الاتحاد الجهوي للشغل الاحتجاجية الذي هدد بيوم غضب في حال عدم الاستجابة لمطالب سكان الجهة في تحقيق تنمية عادلة، والانتباه إلى الخطر الصحي بسبب إشكالية التلوث الذي تعاني منه قابس منذ سنوات عدة.
وقد هدّد النواب بالدخول في إضراب عام في كامل المحافظة في حال لم تستجب الحكومة لمطالب الجهة التي تعاني من التهميش وضعف مؤشر التنمية.
وطالب نواب المحافظة من مختلف الكتل النيابية، الأربعاء، الحكومة بالتفاعل مع مطالب المدينة التي شهدت أعلى نسبة بطالة إضافة إلى الوضع البيئي والصحي المترديين.
وقال محمد الرزيق النائب عن حركة النهضة بالجهة لـ”العرب” إن “قابس تعاني من عدة إشكاليات أبرزها تعطل المشاريع التنموية الكبرى”. ولفت رزيق إلى أن “ما فاقم أجواء التوتر حالة الفراغ الإداري التي تعيشها الجهة منذ فترة”.
وتعاني قابس من أزمة شغورات فهي من دون كاتب عام للمحافظة لأكثر من 11 شهرا، وتشهد شغورا في منصب المعتمد الأول منذ 6 أشهر، كما أنها من دون مدير عام للشؤون الإدارية والمالية، إضافة إلى أنها تفتقد لمنصب مدير محلي للتنمية ومدير محلي للوكالة العقارية السياحية.
وأكد النواب أن الحكومة لم تف بوعودها التي قدمتها خلال آخر جلسة جمعتهم بها والمتمثلة في سد الشغور في الخطط الإدارية مع التعهد بعقد جلسة ثانية بعد شهر من تاريخ الجلسة الأولى التي أبرمت في نوفمبر الماضي. وأشاروا إلى أن رئيس الحكومة يوسف الشاهد لم يلتزم بما وعد به كما لم يقدم تبريرا أو تفسيرا لذلك.
هذه المطالب”. وحذر من “التداعيات السلبية للفراغ الإداري على مصالح المواطنين”. مشيرا إلى أنه “لا توجد متابعة للمشاريع، كما أن إشراف المحافظ وحده غير كاف”.
وتذمر نواب المحافظة من تعطل المشاريع الكبرى على غرار الطريق السيارة الرابطة بين مدينتي قابس وصفاقس إضافة إلى مشروع المستشفى الجهوي بقابس، والإخلال بالالتزامات الخاصة بالمجمع الكيميائي في ما يتعلق بالانتدابات وبتفعيل شركة البيئة.
واعتبر حسونة الناصفي نائب المحافظة عن حركة مشروع تونس أن “مشاريع عديدة معطلة في عدة مجالات وهذا الواقع هو الذي أجبر النواب على اتخاذ هذا الموقف التصعيدي”.
وأضاف الناصفي لـ”العرب ” أن “الحكومة لا تتفاعل مع المطالب إلا بالاحتجاجات وكأنها حكومة مطافئ”. مشيرا إلى أنها “لا تتجاوب مع التحركات السلمية”.
وانتقد الناصفي صمت الحكومة عن حالة الشغور المتواصلة وعجز رئيس الحكومة “عن تعيين معتمد”، ورأى أنه “رغم مضي ثلاثة أشهر عن حالة الفراغ الإداري فإن الحكومة لم تحرك ساكنا”.
وأوضح الناصفي أن نواب محافظة قابس يدعمون قرار الاتحاد العام التونسي للشغل بالإضراب لمدة ساعتين عن العمل بكافة المؤسسات بالجهة في نهاية هذا الأسبوع.
ولوّح الاتحاد الجهوي للشغل بقابس بتنفيذ وقفات احتجاجية على خلفية تأخر الحكومة في سدّ الشغور الحاصل بالمحافظة أمام الإدارات الجهوية وصولا إلى تنفيذ يوم غضب.
وحمل الكاتب العام للاتحاد الجهوي للشغل بقابس صلاح بن حامد، الحكومة مسؤولية الفراغ الإداري وسوء تسيير شؤون البلاد الداخلية.
وقال بن حامد لـ”العرب ” إن “التلويح بالإضراب على خلفية الفراغ الإداري وأيضا لضعف أداء المدراء الجهويين بالمحافظة”. مرده أن “ضعف الأداء الحكومي الذي أثر على الأداء الجهوي”.
وأوضح أن “الاتحاد الجهوي سيقرر إضرابا عاما آخر الشهر إذا لم تكن نتائج الجلسة القادمة الأسبوع المقبل مع الحكومة ايجابية”. وتابع “راعينا ظروف البلاد كثيرا لكن الوضع لم يعد يتحمل.. آن الأوان لنتحدث عن وضعية المحافظة الكارثية”.
ونبه بن حامد إلى “خطورة الوضع الصحي الكارثي بالمحافظة باعتبارها منطقة صناعية يوجد بها المجمع الكيميائى ما جعلها تعاني من التلوث”.
وتعهدت الحكومة التونسية في يوليو الماضي بتنفيذ برنامج لحلّ مشاكل التلوث بالمدينة التي يسببها المجمع، ومنذ 1970 يقوم هذا المجمع المملوك للدولة بتحويل الفوسفات، وسكب كميات كبيرة من “الفوسفوجيبس” وهى مادة ناتجة عن عملية التحويل ومضرّة بالبيئة، في البحر.
ويطالب سكان قابس منذ الإطاحة بنظام الرئيس الأسبق زين العابدين بن علي بإيجاد حل لمشاكل التلوث التي يسببها المجمع. كما يعبر سكان المحافظة بشكل متواصل عن تذمرهم من غياب التنمية بالجهة وتواصل تهميش مطالبهم، وعجز الحكومات المتعاقبة في إيجاد حلول ناجعة لمشكلة البطالة.
وحسب آخر الإحصائيات بلغ عدد العاطلين عن العمل بمحافظة قابس، حوالي 32800، بنسبة بطالة عامة بلغت في مجملها 25.8 بالمئة، 36 بالمئة منها في صفوف حاملي شهادات التعليم العالي.
ويرى خبراء محليون أن المنوال التنموي الحالي قد فشل فشلا ذريعا وأن النهوض بالتشغيل يستدعي تغيير هذا المنوال الذي أضر بكل المقومات التنموية للمحافظة.
ويلفت الخبراء أن الأزمة السياسة والاقتصادية التي تعيشها تونس منذ سبع سنوات أثرت على الأداء الحكومي وعطلت المنوال التنموي في البلاد، ويعتقد هؤلاء أن المنوال التنموي بحاجة إلى مراجعة، ورأوا أن جميع المحافظات التونسية في حاجة إلى منوال تنموي جديد ورؤية مغايرة لواقع الحال.