عاش ضيوف مؤتمر ومعرض البحر الأحمر الدولي الرابع لطب العيون أصداء أمسية “نجاحات في الظلام” التي نظمتها لجنة الفعاليات والانشطة بالمؤتمر لحظات من قصص الحياة الملهمة التي اهتماما كبيرا وحضوراً جماهيرياً ، اذ شهدت قاعة هيلتون جدة أمسية جمعت في تفاصيلها الحكمة والشعر والقصص الملهمة ترافقها نغمات اليتامى من جمعية نفع الخيرية الذين ازدانت بهم منصة الأمسية وشاركوا في الأوبريت الخاص بالأمسية ، التي أدارها الاعلامي عبدالرحمن البشري ، بحضور الدكتور عائض القرني الذي تحدث عن “العين ما بين الشرع والشعر” و الشاعر فهد الشهراني الذي قاد أوبريت “عيون الوطن” تكريماً لرواد الأمسية من المكفوفين من أصحاب القصص الملهمة ومتحدي الإعاقة حيث أستضافت الأمسية كلاً من الشبل الكفيف جهاد المالكي القاريء والحافظ لكتاب الله ، والصحفية الكفيفة منال الجعيد ، وكذلك المذيعة الكفيفة لولوه العبدالله كنماذج عايشت الواقع وتحدث الإعاقة ، حيث أستمع الجمهور لتفاصيل مذهلة في حياة كلاً منهم .
بدأ الشيخ الدكتور عائض القرني الأمسية بحديث عن “العين ما بين الشرع والشعر” تحدث فيها عن نعمة العين وأن العين في الإسلام لها آداب ولها شريعة،كما تحدث عن مواقف الرسول عليه الصلاة والسلام مع العين ، والتي تعد من المعجزات ، وسر من أسرار قدرة الخالق ، قياساً على حجمها الصغير الذي يحيط بالكون عندما تراه ، وأضاف أن بالعين يتفكر الإنسان في نعم الله وفي الجمال الذي أودعه الله هذه الحياة . مشيرا إلى أن رسالة العين مع أطباء العيون هي رسالة اسلامية من المعجزات للدعوة للإسلام مستشهدا بالعديد من الأبيات الشعرية التي قيلت في العيون .
وكان الحضور على موعد مع الشاعر فهد الشهراني الذي أدى أوبريت “عيون الوطن” رقص على كلماته أيتام جمعية نفع الخيرية ، وشاركهم الجمهور العرضة في لوحة جميلة من اللوحات التي ألفها الشهراني في حب الوطن ، ورؤية المملكة ، وقصيدة أخرى وجهها كرسالة للمكفوفين وأبطال الإعاقة البصرية .
كما قدم استشاري طب وجراحة العيون والماء الأزرق والأبيض والليزر الدكتور سعود الجهني ( رئيس لجنة الأنشطة والفعاليات بالمؤتمر ) محاضرة بعنوان “نظرة” تطرق فيها للمعاني المختلفة التي تندرج تحت هذا العنوان،وعن كيفية النظرة الإيجابية والسلبية للأشياء، وكذلك اثر النظرة على الشخصية ، مشيرا الى النظرة الإيجابية هي أهم وسيلة لنهضة الشخص وتفكيره ، وكذلك طريقته للحلول ، واتخذ من الرسول صلى الله عليه وسلم نموذجا في النظرة الإيجابية للحياة ، وكيف ان النظرة السلبية قد تؤدي للهلاك . واضاف الجهني ان النظرة الإيجابية للشخص تجعله يصر على تحقيق قراراته واهدافه الناجحة ويمتلك الهمة العالية ، مشيرا الى عدة عوامل تساعد على تنمية النظرة الإيجابية وروح المبادرة داخل النفوس، والتي تساهم بصورة كبيرة في خلق شخصية إيجابية كالوعي والمعرفة والثقة بالنفس واكتشاف آفاق جديدة للحياة ووضع الحلول البديلة لمواصلة التفاؤل والنظرة الإيجابية بعيدا عن السلبية .
*منال التحدي ، وللتحدي منال*
منال بن معيض الجعيد احدى ضيوف الأمسية ، قصة إلهام نابعة من أرض الوطن تشع عزيمة . تحد وشموخ باعثة برسالة لجميع البشر مفادها “أن لا إعاقة تعيقك عن تحقيق حلمك سوى نفسك ونفسك فقط” . خرجت للدنيا عام 1984 كطفلة سليمة الحواس بلا أي مشكلة صحية إطلاقا عاشت طفولة بريئة كأي طفل يهتم بتفاصيل يومه ولعبه , وكأي طفل طبيعي لا يفكر بغد ولا بمصير. حلم الطفولة والذي كانت تنظر إليه وترعاه بيديها الصغيرتين كمعلمة رياضيات يشار إليها بالبنان كانت تمارس حلمها ببراءة بالشخبطة على الجدران بالطبشور في تقمص منها لشخصية المعلمة أمام طالباتها ولم تدر هذه الطفلة الهادئة النظامية الطموحة أن القدر سيلعب لعبته لتبدل شخبطة الأرقام الى شخبطة أحرف على صحف ورقية كإعلامية نافذة في إحدى الصحف الشهيرة!
بدأت مشكلتها الصحية تظهر على السطح عندما كانت بالصف الثاني ثانوي, حين أضحت الأجسام الشفافة كالأبواب الزجاجية لا ترى كالسابق! نعم كان لديها ضعف بصر ولكن اعتقدت هي وعائلتها بأن ضعف البصر كمشكلة طبيعية مثلها مثل كل من يعاني من ضعف البصر فقط . ولم يدر بخلد أحد منهم أن هذه الحالة ليست بحالة ضعف عادية بل حالة متطورة قد تفقد البصر كليا حتى بدأت الامور تكون اكثر صعوبة .
ومع ذلك انهت منال أعوامها الدراسية لتنتقل الى كلية التربية في تخصصها الذي تحلم به منذ الصغر الرياضيات ومنذ السنة الاولى بدأت تجد صعوبة في قراءة الخط العادي حتى اضطر الأمر للذهاب للمكتبة لتكبير الخط وباستمرار ووصلت الحالة الى عدم مقدرتها القراءة في الخط العادي ! وفي السنة الثانية بالكلية وجدت حاجة في ابلاغ معلمتها بحالتها الصحية وأنها لم يعد بإمكانها أداء الامتحانات العملية على الأجهزة الكمبيوتر وتفهمت إحداهن وقامت بتحويل امتحانها من عملي إلى نظري ، بدأت الصعوبات تزداد بالتدريج على منال عندما أصبح الاحراج يلازمها في كل يد تمد لها مصافحة وهي لا تراها.
حتى قررت منال اصعب قرار في حياتها وهو عدم اكمال الدراسة وكان قرارها الصعب والذي ندمت عليه بعد ذلك وبلا إنكار ولكن المرحلة حينها كانت مرحلة ذهول ودهشة وتخبط مع ضياع فليست مدركه للحالة التي تمر بها ولا هي تستطيع التقبل لفكرة الخروج من عالم المبصرين الى عالم ذوي الإعاقة البصرية والذي لا تفقه منه قدر أنمله! قامت بتأجيل دراستها سنة واحدة وقد كان تقييمها الدراسي جيد جدا والذي تغير تماما بعد هذا العائق البصري لتتحول الى الأوائل مع مرتبة الشرف الأولى كبكالوريوس بمعدل4.79 وتحضر الماجستير حاليا ، وبإسهاب تتحدث … قالت :”الإعاقة كانت دافع لي بعد أن تركت الدراسة لخمس سنوات بالرغم من طموحي وتفوقي الذي لم أدرك حقيقته الا بعد الإعاقة وعودتي للدراسة” وتقول ” كنت اشعر بالغبطة دائما تجاه الناجحين والتهنئة بنجاحهم وهذا كان لي دافع قوي لأن أعيد النظر في مسألة عودتي للدراسة بعد انقطاع ما دفعني لأن أجاهد نفسي واكافح”
وفي إحدى الليالي وأثناء مراجعتها لإحدى المستشفيات الشهيرة نصحها أحد الأطباء والذي كان له الفضل بعد الله في تغير حياتها بمراجعة جمعية إبصار الخيرية كون لديها معدات متطورة قد تساعدها في حالتها كأجهزة ومكبرات مساعدة على القراءة …وكانت هذه البداية …ومن هنا كان الانطلاق. ذهبت الى إبصار في عام 1428 وقابلت على حد قولها “شخصية عظيمة” وهو الكفيف محمد توفيق بلو الأمين العام حينها والمدير التنفيذي لجمعية إبصار تتحدث منال عنه قائلة : “هو ملهمي وله فضل بعد الله في صقل شخصيتي وفيما وصلت إليه” . التحقت منال بالجمعية وتعلمت اساسيات الحاسب الآلي باستخدام قارئات الشاشة بحيث يحول كل ما هو مكتوب على شاشة الكمبيوتر لنص منطوق ثم تعلمت على طريقة برايل وطريقة التنقل الآمن بمفردي دون الاعتماد على الآخرين حين التحقت بالمركز بداية لم يكن الإبصار عندها قد تدهور كليا ولكن لم تكن تقرأ وتكتب كالمبصر العادي لكنها كانت تستطيع التنقل بمفردها. وتقول حينها ألح علي محمد توفيق بلو بأن اكمل دراستي فلدي القدرة على ذلك .
واضافت قائلة :”رجعت الى الجامعة ، والتحقت بقسم الاعلام وكان التحاقي به ليس حبا إنما تحدي فقط ، تحدثت مع إحدى الأساتذة وأنا مازلت أتكلم قاطعتني وقالت : لا تستطيعين الدخول لقسم الإعلام لأنه لدينا مادة تصوير ومادة إخراج صحفي وكيف ستجتازين هذه المواد …قررت عني دون علمها بإمكانياتي !ورفضت دخولي للإعلام ! وما زاد حنقي وغضبي أن الدراسة حينها نظرية بحتة فلم هذا الرفض والتعنت ! فلا معامل ولا كاميرات ولم اكتف بالصمت بل أخبرتهم بأن الطالبة الفلانية كفيفة كنموذج وهي لديكم بقسم الإعلام وبكل صفاقة ترد هذه الدكتورة بأن هذه الطالبة الكفيفة دخلت دورة عندي وحصلت على صفر كعلامة ؟! وعندما سألت الطالبة ذاتها صعقت وقالت أنا أساسا لم أدخل أي دورة عند هذه الدكتورة؟! أليس ما يحدث عرقلة لي كوني كفيفة ؟!”
وأضافت : كانت هناك محاولات شفاعة لي من مركز الاحتياجات وسعوا لي لأن أنتسب لهذا القسم كونهم يعلمون أني أستحق وأن لا يحد إمكانيتي عائق أبدا …إلى أن التقتني الدكتورة (جيهان يسري) نظرت إلي وقالت لي لا تخافي : “سأقبلك في الإعلام وذهبت لرئيس القسم وتحدثت معه واهتمت بجدولي وسجلت المواد لي” ، سألتها قبل أن تسافر الى بلدها نهائيا لماذا قبلتي منال؟! بالرغم من رفض رئيسة القسم ، أجابت : شاهدت الإصرار في عينك وأحسست بأن الإبداع سيكون في طريقك والفضل يعود بعد الله لها أن آمنت بمنال وسعت لها ومنذ ذلك الحين وأنا معدل في كل ترم دراسي في ارتفاع، ولا أنسى من أحبطتني وحاولت إعاقة مسيرتي والذي أراد القدر أن أريها قدراتي.
(56) كتاباً كانت تعمل مرافقة منال على نقلها إلى جهاز الكومبيوتر خلال سنوات الدراسة ، لتستطيع المذاكرة عبر قارئ الشاشة، إذ إنها صعوبة أخرى لم تكن في الحسبان «لم توفر لها الجامعة كتباً دراسية تناسب حاجاتها الخاصة». اجتازت منال المراحل الجامعية بدرجات مميزة، خولت لها التخرج من جامعة الملك عبدالعزيز بإمتياز مع مرتبة الشرف الأولى.
وقت طويل عاشتها الصحفية الكفيفة في صراخ مع الإعاقة لتظهر بوادر نجاحاتها ، إذ إن جمعية إبصار الخيرية قررت أخيراً إسناد إدارة العلاقات العامة لفرع الجمعية في جدة لها ، إضافة إلى برنامج التوظيف والتدريب. وكان من أول ثمار عملها العودة لربط جسر تواصل بين كلية الاتصال والإعلام بجامعة الملك عبد العزيز وجمعية إبصار مما ترتيب عليه إطلاق برنامج مشترك بين الكلية والجامعة في تدريب الدفعة الأولى من خريجات العلاقات العامة في مجال الإعلام والعلاقات العامة للإعاقة البصرية قدمن عدة مشاريع تخرج تخص الجمعية. ولم تكتف منال بما حققت لأن هاجس العمل بالمؤسسات الصحفية أمر يؤرقها فتوجهت لاستكمال الدراسات العليا ونيل درجة الماجستير في الإعلام إضافة للمحاولات والاجتهادات التي قامت بها لطرق جميع أبواب المؤسسات الصحفية إلا أنها كانت مغلقة.
لجأت منال للصحف الإلكترونية لكسب المهارات والخبرات الصحفية فالتحقت بإحدى الصحف الالكترونية واستمرت بالعمل معهم مدة تجاوزت العام ونصف العام،وفي يوم من الأيام وكان حدث غير متوقع أتيحت لها فرصة العمل بصحيفة الوطن رغم رفضها في المرة الأولى فقررت خوض التجربة والتحدي لدرجة أنه قبلت العمل ثلاثة أشهر دون مقابل ،وها هي الآن نجمة تضيء في سمائها .
وقالت اخيرا ” لم تنتهي حياة منال ولكنها جاءت لتخبركم بأن الحياة كتاب ونحن من نحدد مقدمتها وموضوعها وخاتمتها”
*لولوه العبدالله .. المذيعة الكفيفة التي ترى العالم من إذاعة جدة*
هي صاحبة الصوت الذي ألفته مسامعنا “وطن لا نحميه لا نستحق العيش فيه” ، لولوه أمان العبدالله ، التي أصيبت بالإعاقة البصرية ، وأصبحت بين يوم وليلة أسيرة قرار ان أستمر أو لا أستمر ، رفضت لولوه الاستسلام للإعاقة وأعلنت التحدي الممزوج بالإصرار ، أعطت نفسها فرصة كي تتعلم وتتدرب ، فأستثمرت اقرب الطرق للنجاح ، تدربت في جمعية ابصار الخيرية وحولت الابتلاء الى نعمة لتشق طريقا لنفسها ظاهرة السهولة وباطنه الصعوبة، درست في جامعة الملك عبدالعزيز وتخرجت بكالوريوس صحافة لترى بعد تخرجها طريقها الذي لم يكن يشاهده المبصرون .. لتجد فرصة للعمل في ابصار الخيرية ضمن مهام أسندت اليها ونالت ثقة الجمعية لتواصل معها النجاح .
كانت اعاقة العمى محفّزا لإشعاع لولو ، لم تكن لتهدأ إلا عندما تضيف النجاح تلو النجاح ، انطلقت في العمل وحلقت في دراستها للماجستير لتحقق شهادتها في الصحافة من كلية الاتصال والاعلام من جامعة الملك عبدا لعزيز مع مرتبة الشرف الأولى.
وكل ذلك كان في ظل مسئولية على عاتقها فبعد عملها لعامين في ابصار سنتان مسئولة للاعلام ، ثم ثلاثة أعوام في مجال خدمة العملاء بشركة بن لادن، فمديرة لمركز الإعلام العربي المتخصص بذوي الإعاقة بمكتب جدة.
لكن لولوه كان حلمها غير ، اذ كانت تحلم ان تكون مذيعة ، لتصنع الحلم وتستثمر الفرص ، وتواصل الانطلاق ، حتى خضعت لتجربة إذاعية نجحت فيها بطلاقة ، لتكون لولوه العبدالله .. المذيعة الكفيفة التي ترى العالم من الاستديو ، لتكون الآن معدة ومقدمة برامج في إذاعة جدة ، بهيئة الإذاعة والتلفزيون ، وعملت كذلك في مجال التدريب ، كما حازت عدة دورات في إعداد البرامج الإذاعية والتلفزيونية، وصناعة الإعلام الهادف والإعلان الإبداعي بالاضافة الى فن الخطابة والإلقاء ، اضافة الى حضور العديد من المؤتمرات المحلية والدولية وورش العمل .
لولوه ، اتخذت من التميز طريقا، فلا إعاقة وقفت أمام طريقها ، فقد حققت الجائزه الذهبية في مهرجان إتحاد الإذاعة والتلفزيون بتونس – فرع برامج ذوي الإعاقة 2014، والجائزة الفضية في مهرجان الإذاعة والتلفزيون الخليجي في مملكة البحرين فرع برامج الأسرة وذوي الإعاقة 2016، وجائزة التميز والإبداع للمرأة العربية بفرع الإعلام وذوي الإعاقة 2017 .
*جهاد المالكي .. الذي نبغ بعد ان فقد بصره منذ الطفولة ، ويحلم برؤية وجهي والديه*
قال عنه الدكتور عائض القرني عندما التقاه في الأمسية أنه معجزة تسير على الأرض ، جهاد المالكي شبل في الثالثة عشر من عمره فقد بصره لكنه لم يفقد البصيرة ..نابغةٌ سبق أقرانه و أبهر كل من رآه بما حباه الله من مواهب ، ولد جهاد في مدينة الرياض عام 1424 هجري ، ليلتحق بحلقة تحفيظ القرآن و هو ابن خَمسِ سنين ، و يتم بفترة وجيزة حفظ سبعةِ أجزاءٍ من القرآن الكريم ، انتقل بعدها إلى المدينة المنورة ، و أكمل حفظ القرآن الكريم كاملاً على يد والدته ولم يتجاوز من العمر السابعة ، ليكن بذلك حجةً على المبصرين ، و آيةً باهرةً للحافظين …
فهو يحفظُ آياتِ القرآنِ بأرقامها و مواضِعِها من السُور ، حفظاً انقطع نظيره بالدقة و الثبات ، ليدخل بعدها إختبارات عدة و يحصل على سند متصل في القرآن من معاهد تحفيظ القرآن الكريم بالمملكة و إجازتين في ” الجزرية ” و في ” تحفة الأطفال ” ، ولم يكن جهاد متفوقاً في حفظ القرآن الكريم وحسب ، بل كان متفوقاً على زملائه في الفصول الدراسية أيضاً ، ليُنقَلَ في سنته الدراسية الأولى إلى الصف الثاني و يدرسَ العامين الأولين بسنة دراسية واحدة .
تتلمذ جهاد على يد الشيخ يحيى بن عبدالعزيز اليحيى بالمسجد النبوي ، و ضم لحفظ القرآنِ ما يربو عن ألفِ حديث ،ٍ و ثلاثَ وخمسينَ كتاباً في الإيمانِ و الطهارةِ و الصلاةِ و الغُسل ، بأرقامها و بأسماءِ رواتها ، فيجمع بذلك الوحيين ، شارك بعد ذلك بمسابقات محلية و دولية عدة في حفظ القرآن الكريم و السنة النبوية ، و نال جوائز متعددة ، كما حظي بتكريم أمير منطقة الرياض ، و ذلك خلال الحفل السنوي الذي أقامته جمعية تحفيظ القرآن الكريم ، بعد أن اختبر قوة ذكائه و متانة حفظه ، ليقف و يصافحه تكريما له .
كما التقى جهاد المالكي بكبار القراء و الأئمة في المملكة ، و قرأ عليهم القرآن الكريم ، ليحظى بإعجابهم و تقديرهم ، و منهم الشيخ عبد الرحمن السديس الذي قبل رأسه و دعا له بالثبات . يَعيشُ جهاد مع القرآن لَيلهُ و نهارهُ ، فلا يكادُ يغشاهُ السحر إلا انتصبَ في محرابه مُتَبَتِلاً إلى الله مُتَرَنِماً بكلامه ، كما يُخبر عنه والده الذي طالما حَلُم أن يكون أبنه أحد أئمة الحرمين و عَلَماً من أعلام الدين .
سُئل ذات مرةً لو أعاد الله إليك بصرك من تُحبُ أن ترى ؟؟ فقال وجه وَالِديَّ … فلولاهما ما كان لجهاد أن يكون حافظاً لكتاب الله و لا كان أعجوبة زمانه . وها هو جهاد المالكي اليوم شيخا في العلم والدين ، يجلس على كرسي التدريس ، ليصير مدرساً للقرآن الكريم و عضواً في لجان التحكيم ، يسأل الحفاظ و يختبر إتقانهم ، بعد أن كان طالباً يُختَبرُ و يُسأل ، فينال خَيريّة من تعلم القرآن و علمه .
وفي ختام الأمسية ، قدم الدكتور علي الخيري ممثل الجمعية السعودية لطب العيون رئيس مؤتمر البحر الاحمر الدولي الرابع لطب العيون شكره وتقديره لضيوف الأمسية ، والذين شاركهم تكريم رواد ورائدات الإعاقة البصرية وعدد من أطباء العيون المشاركين والفائزين والفائزات في الجوائز التي تم السحب عليها .