
منذ تولي خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبدالعزيز – حفظه الله – مقاليد الحكم، ومنذ إعلان ولي العهد صاحب السمو الملكي الأمير محمد بن سلمان – حفظه الله – رؤية السعودية 2030، تم إصدار أكثر من 50 مرسوماً ملكياً، وقراراً حكومياً، وإعلاناً لتطوير صناعة السياحة السعودية. الإعلان عن إعادة تفعيل التأشيرة السياحية والمزمع إصدارها في الربع الأول من عام 2018م، تعد واحدة من أهم تلك القرارات؛ لأنها ببساطة تفتح الباب للسياحة الخارجية من معظم دول العالم لزيارة المملكة العربية السعودية، وبالتالي فهي ترفع حجم الطلب بشكل كبير على الوجهات والمنتجات والخدمات السياحية بجميع أنماطها ضمن جميع مناطق المملكة. في الوقت الراهن وقبل فتح الباب أمام السياحة الخارجية بشكل كامل، تعتمد السياحة السعودية على أربع فئات من السياح: السياحة الداخلية (المواطنين والمقيمين داخل المملكة)، والسياحة الدينية (الحجاج والمعتمرين والزوار لأداء فريضة الحج، والعمرة، وزيارة المشاعر المقدسة) وهي بالتالي جزء من السياحة الخارجية ولكنها محدودة بشريحة معينة من السياحة وضمن منطقة جغرافية محددة، والسياحة الخليجية (مواطنوا الدول الخليجية)، وسياحة الأعمال (المشاركين والزوار لحضور الفعاليات التجارية بالمملكة).
وأشار منشي، أن إطلاق تأشيرة السياحة يعوّل عليه أن تحقق المملكة هدف تنويع قاعدتها الإقتصادية، وتحقيق هدف رؤيتها بتقليل الإعتماد على عائدات النفط، وبشكل غير مباشر زيادة المحتوى المحلي لصناعة السياحة السعودية للوصول لهدف 50٪ بحلول عام 2030م، أي أن يقوم السواح السعوديين بصرف 11 مليار دولار سنوياً داخل وطنهم. ولذلك فإن تفعيل التأشيرة السياحية لإجتذاب السواح من حول العالم يعزز قدرة صناعة السياحة السعودية لتتجاوز إيرداتها عوائد النفط، بعد الإنتهاء من المشاريع الضخمة التي أعلن عنها مؤخراً (مثل زيادة الطاقة الإستيعابية للمشاعر المقدسة، ومدينة نيوم، والقدية، وتطوير العلا، ومشروع البحر الأحمر، ومدينة عكاظ)، بدعم من السياحة الخارجية.
كما أوضح منشي أن السياحة الخارجية بعد إطلاق التأشيرة السياحية سوف تساهم في تفعيل ودعم التبادل الثقافي والمعرفي، والعلاقات الإجتماعية، بين المجتمع السعودي والسواح من خارج المملكة، وهو ما يحقق جملة من الأهداف الإستراتيجية التي نصت عليها رؤية السعودية 2030 وبرامجها التنفيذية، مثل تعزيز الهوية الوطنية، وتعزيز جميع الصناعات الوطنية.
وبيّن منشي مجموعة من المتطلبات لتحقق التأشيرة السياحية والسياحة الخارجية أهدافها الإقتصادية والثقافية والإجتماعية، تأتي في مقدمتها خمسة متطلبات يجب توفيرها بشكل عاجل: (1) تطوير الأنظمة الحكومية المرتبطة بالتأشيرة السياحية (وهو ماتعكف هيئة السياحة بالتعاون مع شركاءها في وزارتي الداخلية والخارجية خلال الشهرين القادمين على تحقيقه)، و (2) تطوير البنى التحتية والفوقية لصناعتي النقل والسياحة ومرافق الخدمات الأساسية مثل المياه، والكهرباء، وشبكات الهاتف والإنترنت، والصرف الصحي؛ لرفع الطاقة الإستيعابية لمواجهة الطلب الجديد من السياحة الخارجية، و (3) تهيئة المجتمعات المحلية للتعامل مع السواح من خارج المملكة، و (4) تطوير جودة المنتجات السياحية والتي تشمل تطوير خدمات النقل، وخدمات المواقع السياحية، والفعاليات السياحية، وخدمات الضيافة، ومنتجات الترفيه، ومنتجات الإستجمام والأنشطة الرياضية، وأخيراً (5) تطوير الموارد البشرية السياحية لضمان جودة الخدمات المقدمة للسواح في كل مناطق المملكة، وضمان إثراء تجربتهم، وعدم وجود تسرب إقتصادي بسبب الإعتماد على الموارد البشرية الأجنبية. الإهتمام بالشروط الخمسة وبقية الشروط والتحديات المرتبطة بالسياحة الخارجية، قبل وبعد إطلاق التأشيرة السياحية كفيل – بإذن الله – بتغليب كفة السياحة السعودية في منافستها مع الوجهات السياحية الإقليمية والعالمية.