الذكاء العاطفي هو من المصطلحات الحديثة، ويعرَّف بأنه مقدرة الشخص على إدارة عواطفه والتحكم فيها وانتقاء الأفضل منها والتي تتناسب مع المواقف التي يتعرض لها الإنسان.
من أشهر الأشخاص الذين ارتبط اسمهم بهذا المصطلح هو دانيال جولمان والذي عرَّف الذكاء العاطفي بأنَّه قدرة الشخص على معرفة عواطفه معرفةً تامَّة، وقدرته أيضاً على معرفة عواطف الآخرين، بحيث يستطيع هذا الشخص التعامل مع نفسه أولا ومع الآخرين عن طريق التنقل بين عواطفه هذه والتعبير عن انفعالاته بما يتناسب مع الموقف والحالة التي يتواجد فيها وتُفرض عليه.
من أبرز الصفات التي تطغى على أولئك الأشخاص الذين يتمتعون بدرجة عالية من الذكاء العاطفي هي قدرتهم على تفهُّم أوضاع الآخرين وأحوالهم والتعاطف معهم عند وقوعهم في المآزق أو عندما تحلُّ عليهم المصائب، إضافةً إلى قدرتهم على تكوين الصداقات المتعددة والإبقاء عليها، كما أنَّهم يمتازون بالمقدرة على فضِّ النزاعات والخلافات التي تحصل بينهم وبين الآخرين بسهولة ، وهم أيضاً قادرون على التعبير عن ما يختلجهم من مشاعر ، ومما يميزهم أيضاً مقدرتهم على مواجهة المشاكل بثقة عالية، والتكيف مع كافة المواقف الاجتماعية التي يتعاملون بها،
ولقد شملت مظلة الإسلام الشاملة هذا النوع من الذكاء، حيثُ جاء الإسلام مخاطبا العقول والقلوب على حد سواء، بل ولقد كان حظ الإسلام من الوعي بالذكاء العاطفي كبير، ومن الأدلة التي تجعلنا نقف على عتبات هذا الباب قول الله تعالى:
(قَدْ أَفْلَحَ مَن زَكَّاهَا وَقَدْ خَابَ مَن دَسَّاهَا) ،الشمس : الآية 9 ـ 10
وقوله سبحانه: (فَبِمَا رَحْمَةٍ مِنَ اللَّهِ لِنْتَ لَهُمْ وَلَوْ كُنْتَ فَظًّا غَلِيظَ الْقَلْبِ لَانْفَضُّوا مِنْ حَوْلِكَ) سورة آل عمران ، الآية 159
فما النفس سوى مجموعة من المشاعر التي تتحكم في أفعال الإنسان وتزكيتها هي الأفعال التي تشذب من وعي تحركاتها حسب الآية الأولى. بينما يدعو الله في الآية الثانية رسوله الكريم إلى مخاطبة قلوب الناس قبل عقولها باللطف واللين.
ومن جانب آخر فإن السيرة النبوية زاخرة بالدلائل التي تشير إلى الذكاء العاطفي الذي امتلكه القائد العظيم نبينا محمد -صلى الله عليه وسلم، فرغم قلة عدد مناصريه في بداية الدعوة إلا أنه استطاع أن يجمع شمل المسلمين بقلبه وبالمبادئ التي كان يسير عليها كمبدأ (المؤلفة قلوبهم). وفي الحديث النبوي الشريف عن أبي هريرة (رضي الله عنه) قال: قال رسول الله صلّى الله عليه وسلم (إذا أحب الرجل أخاه فليخبره أنه يحبه) هكذا علم سيد البشر -عليه أفضل الصلاة وأزكى السلام- النّاس أبجدية العاطفة.
فمن شأن الذكاء العاطفي أن يسهم في إنجاح العلاقات الزوجية والأسرية بل ويمتد أثره على بيئة العمل؛ فالموظف الذي يمتلك الذكاء العاطفي يستطيع التكيف في بيئة العمل مهما كانت بل وسيخلق البيئة التي يرغب بالعمل فيها.
4 comments
4 pings
Skip to comment form ↓
ابومشعل
17/12/2017 at 2:04 ص[3] Link to this comment
وفقك الله يبوعامر نفتخر فيك ونرفع بك الرأس نفع الله بك وبعلمك
حمد
17/12/2017 at 8:48 ص[3] Link to this comment
شكرا يادكتور علي المعلومات وبارك الله فيك
يوسف بن خلف الهرفي
18/12/2017 at 3:23 م[3] Link to this comment
سلمت يداك لا عدمناك
يا دكتورنا الفاضل أبو عامر
إلى الأمام دائما يا رفيقي
أخوك ومحبك
يوسف بن خلف الهرفي
تبوك الورد
ضي الأمل
09/02/2018 at 8:12 ص[3] Link to this comment
بارك الله في جهودك ونفع الله بك وبعِلمك?