أنقذ نجماً.. على اليابسة
بقلم: هنادي الشيخ نجيب
أمام المحيط الكبير، وعند شاطئه الفسيح، وقف فتى ينظر إلى نجم البحر الذي قذفته الأمواج الهائجة..
وبعد دقائق من التأمل، قرّر الفتى أن يجري نحو النجم ليعيده إلى البحر قبل أن يموت، وكان كلّما أعاد نجماً إلى الحياة، ألقت الأمواج العشرات منهم على الرمال..
لم يكترث الفتى بذلك، بل راح بكل إيجابية ونشاط، يلمّ ما يستطيع من الأرواح الملقاة على ضفاف الموت ويقذفها في الماء، ممارساً دوره الإنساني الراقي حتى مع تلك المخلوقات الضعيفة!
فجأة، ناداه رجل كان يتابع حركته الدؤوبة، وقال له:
( يا بني، ألا ترى آلاف النجوم تناثرت صرعى على الشاطئ؟! إنّ عملك هذا لا يغير من مصيرها شيئاً!)
ابتسم الفتى وانحنى ليلتقط نجماً آخر ثم ردّه إلى قيد الحياة بين العباب، ثم التفت يخاطب الرجل ممسكاً أحد تلك الحيوانات المسكينة:
( لقد تغيّر مصير نجم البحر هذا على الأقل! لقد شغلتني بحوارك هذا عن عملية الإنقاذ، دعني أعمل، واجلس أنت وراقب؛ سجّل ملاحظاتك حول موت ملايين نجوم البحر، وألقِ علينا آراءك وأتحفنا بوجهات نظرك وتحليلاتك، ولا تحرّك ساكناً.. أما أنا..فسعادتي أن أبذل ما بوسعي لإنقاذ ما يمكنني إنقاذه)..
قرّاءنا الأكارم، تلك قصة تشبه من عدة وجوه ما نعاينه على “يابسة واقعنا”! وهي مدخل مناسب لنعبر من خلالها إلى شاطئ المتوسط عندنا؛ لنرصد التحركات المحلية والعربية والدولية التي تبذل لانتشال آلاف وربما ملايين ممن تتقاذفهم أمواج الفتن العاتية ثم تتناقل أخبارهم صرعى الحرية والكرامة ولقمة العيش!
وآلاف مؤلفة أخرى بل ملايين تتابع، وتشاهد، وتُجري الدراسات، وتدوّن الملاحظات، وتسرد التحليلات، وتركّز في كثير من المرات على التقليل من شأن المساعدات؛ فيحبطون أفواج المسعفين، بأمواج التخذيل المشين!
والغريب في هذا الأمر المريب، أنّ المثبّطين أصواتهم مرفوعة، بمرجعياتهم مدفوعة! حتى بلغوا القوة العظمى في التدليس والتيئيس، ولو أنهم استغلّوها بالحدّ الأدنى في التشجيع ، لعادت بالخير عليهم وعلى من حولهم..
إنّنا إن لم نتحرك الآن، وبالمتوفر من القدرات_ وهي في الحقيقة قدرات كبيرة لو استخرجت- فمتى إذاً يُسدّ الخلل ويعالج الزلل؟!
وبرأيكم، لماذا نشتكي اليوم من أنّ الخرق اتّسع على الراقع؟!
أليس لأننا قتلنا الأمل اليافع واستقللنا العمل النافع؟!
سهل جداً أن نجلس ونراقب الأحداث، خاصة مع وجود جهاز التحكم عن بعد!
سهل جداً أن نعرف أخبار القتلى والجوعى والخائفين والمحاصرين، بل سهل أن نسمع تبرير القتلة والمجرمين والمفسدين الذين يتصدرون الشاشات نفسها التي تنقل لنا أجواء الخراب والدمار والإفساد الذي تولّى كبره ونشره!
لكن الصعب حقّاً هو أن نهبّ من كراسينا ونفعل شيئاً بناء على ما راقبناه وشاهدناه؛ حتى وإن كان إنقاذ روح واحدة، أو إطعام فم طفل جائع، أو كفالة فتى ضائع، أو إعادة بناء سقف مهدم، أو تدفئة شيخ أنهكه البرد، أو إيواء فتاة شردها البؤس، أو حتى تأمين قبر لمن تخلى عنهم الأحياء فسبقوهم إلى المقابر!
إنه القليل الدائم المناسب، القليل الذي يصبح بنا جميعاً كثيراً ونافعاً ومعيناً..
ليست البطولة في أن نسمع صيحات اليائسين، إن البطولة أن تخترق أصواتهم جهاز النخوة داخلنا، أن تكسر جدار الصوت إلى حيز العمل.. ووقتها لن يكون مهماً من قال، بل المهم هو كيف نساعد “من قيل عنهم”، ثم الإعراض عمّن يثيرون الغبار حولهم، ويشوّشون الرؤيا على العاملين، ويتلذذون بالمهاترة، ويخافون من المغامرة، بل قد يسخرون من ضحايا المؤامرة!
ومن الأسلم لنا أن نتعامل مع أولئك وفق القاعدة الآتية:
إنّي لأُعرِض عن أشياء أسمعها حتى يقول رجال إنّ بي حمقا
أخشى جواب سفيهٍ لا حياء له مَهِين، وظنَّ أناسٍ أنه صدقا
قرّاءنا الأعزاء.. إنّ خطوة البداية في محنتنا هذه يجب أن تكون في المضي قدماً في مسيرة الإصلاح، وترك أؤلئك الذين يعيشون على هامش الحياة، ولم ينفعهم علمهم الواسع في خدمة الواقع..
كما علينا أن نتحلّى بالإرادة الصلبة والعزم الثابت واليقين الراسخ، وكل أؤلئك كالسيف: يصدأ بالإهمال، ويّشحذ بالضرب والنزال..
ويبقى في أعناقنا واجب التمييز بين من كان همّه إخلاء مسؤوليته وتبرئة ذمته وإراحة ضميره بالقايم “بأي عمل” ( كحبة تخدير)، وبين من يبذل جهده لإنقاذ من يشعر بالمسؤولية تجاههم..
ذلك أنّ الناجح هو الذي يعمل العمل الصحيح، وليس الذي يقوم “بأي عمل” وإن كان على الوجه الصحيح..
إننا إن بدأنا من هنا فإن الفرق الذي سنحدثه في تغيير مجرى الأحداث سيكون كبيراً، خاصة إن فعّلنا في حياتنا مقولة الفاروق رضي الله عنه: ( اللهم إني أعوذ بك من جَلَدِ الكافر وعجز الثقة)..
وأختم بإشراقات ثلاث لتكون إشارات على الطريق الصحيح:
– ليس هناك موهبة عظيمة، دون إرادة عظيمة.
– المثابرة ليست سباقاً طويلاً، بل هي مجموعة سباقات.
– ربما علينا أن نستخرج من داخلنا حرارة الصيف ونحن في عز الشتاء..
- 24/04/2025 برعاية من سمو أمير المنطقة .. “غرفة الباحة ” و” منشآت ” تنظم لقاء تسهيل التمويل لدعم رواد الأعمال
- 21/04/2025 خلال استقباله رئيس اتحاد الغرف السعودية ورئيس غرفة الباحة .. سمو أمير منطقة الباحة يدشن الهوية البصرية الجديدة للغرفة التجارية
- 21/04/2025 هدى يسى: قرار الرئيس” السيسي ” بتوحيد الضريبة بديل الرسوم المتعددة ..حافز قوى لجذب الاستثمارات وتخفيف الأعباء المالية
- 21/04/2025 ختام السباقات المساندة لجائزة السعودية الكبرى stc للفورمولا 1
- 19/04/2025 *وزارة الرياضة ومجموعة stc يوقعان مذكرة تفاهم مشتركة*
- 19/04/2025 *للمرة الخامسة على التوالي* *غدًا.. حلبة كورنيش جدة تشهد السباق الرئيس لجائزة السعودية الكبرى stc للفورمولا1*
- 19/04/2025 القادسية يسقط النصر في الوقت القاتل
- 19/04/2025 جاك كروفورد وكلوي تشامبرز يتصدران ختام التصفيات التأهيلية للفورمولا2 وأكاديمية الفورمولا1
- 19/04/2025 انطلاق جائزة السعودية الكبرى stc للفورمولا 1 بجدة
- 18/04/2025 وزارة الرياضة تنظم ورشة عمل تثقيفية لممثلي وسائل الإعلام المحلية استعدادًا لانطلاق جائزة السعودية الكبرى stc للفورمولا 1*
30/11/2017 2:45 م
أنقذ نجماً.. على اليابسة
هناي الشيخ نجيب .لبنان
هناي الشيخ نجيب .لبنان
Permanent link to this article: https://aan-news.com/14891.html/