حذر الامين العام للجامعة العربية احمد ابو الغيط من خطورة قضية عمل الأطفال ،معتبرا انها عنفاً ممارساً ضد هؤلاء الأطفال ويحرمهم من حقوقهم الأساسية في التمتع بالحياة الطبيعية في سنواتهم الأولى من أعمارهم، تلك السنوات التي تعتبر الأهم في تشكيل شخصياتهم وسلامة بنيانهم العقلي والنفسي، إلى جانب حرمانهم من التعليم والصحة والحماية والنماء…ومؤكدا في الإطار ذاته ان هذه القضية تزداد خطورة في ظل ما تمر به عدد من دول المنطقة من إرهاب ونزاعات وحروب مسلحة.
جاء ذلك في كلمته خلال افتتاح فاعلية إطلاق الدراسة الإقليمية بعنوان “عمل الأطفال في الدول العربية” التي أعدتها الأمانة العامة لجامعة الدول العربية بالتعاون مع منظمة العمل الدولية ومنظمة العمل العربية والمجلس العربي للطفولة والتنمية ومنظمة الأمم المتحدة للأغذية والزراعة (الفاو)،اليوم بالجامعة العربية.
وقال ابو الغيط ان الإحصائيات تشير إلى أن معدّل انتشار عمل الأطفال في البلدان المتأثّرة بالنزاعات المسلّحة أعلى من المتوسّط العالمي، كما أنّ معدّل انتشار العمل الخطر يزيد بنحو 50% في البلدان المتأثّرة بالنزاعات المسلّحة منه في العالم بأجمعه.
وشدد على اهمية هذه الدراسة التي تم اعتماد توصياتها مؤخرا خلال الدورة الرابعة للقمة العربية التنموية: الاقتصادية والاجتماعية التي عقدت في الجمهورية اللبنانية بتاريخ 20 يناير الماضي، كوثيقة استرشادية لدعم جهود الدول الأعضاء للقضاء على هذه الظاهرة، تهدف إلى تقدير حجم ظاهرة عمل الأطفال في الدول العربية، وإجراء تقييم دوري للإنجازات والتحديات التي تواجه هذه الظاهرة في المنطقة العربية.
واكد ابو الغيط ان الجامعة حرصت خلال السنوات الماضية على الاهتمام بقضايا الطفل في المنطقة العربية والنهوض بأوضاعه وإنفاذ حقوقه، بما يراعي مصلحته الفضلي وبما يتماشى مع حقوقه الأصيلة والمكفولة له في الاتفاقيات والمعاهدات الإقليمية والدولية خاصة اتفاقية حقوق الطفل التي صادقت عليها كافة الدول العربية وكذلك البروتوكولات الإضافية الملحقة بها، والاتفاقيات الصادرة عن منظمة العمل الدولية، بالإضافة الى “أجندة التنمية المستدامة 2030 ” التي اعتمدها قادة العالم في سبتمبر 2015 في قمة أممية تاريخية.
وتابع قائلا:انه لا يغفل علينا حجم التراجع والانتكاسات التي أصابت حقوق الأطفال في الفترة الأخيرة نتيجة للتحولات السياسية والاقتصادية والاجتماعية، وما صاحبها من لجوء ونزوح وتشتت للأسر، الأمر الذي كان له انعكاسات سلبية على الأطفال.
وذكر ابو الغيط في هذا الإطار بالتحديات الكبرى المترتبة على هذه الظروف الصعبة من عدم الالتحاق بالتعليم وعدم الحصول على الخدمات الصحية المناسبة، بل وتفشي عدد من الأمراض التي تم القضاء عليها نهائياً في سنوات سابقة، وسوء التغذية، والزواج المبكر والزواج القسري وعمل الأطفال في أعمال خطرة، وتجنيد الاطفال وإشراكهم في عمليات مسلحة او أعمال ترتبط بالنزاعات بلغت ذروتها في جمع ونقل المؤن والأسلحة للجماعات المسلحة، وجمع أشلاء الموتى.
واشار ابو الغيط الى إن قضية عمل الأطفال هي قضية متعددة الجوانب، فبالإضافة إلى الجوانب الحقوقية التي لا تخفى على أحد هناك العديد من الجوانب الاقتصادية والاجتماعية لهذه القضية التي تشكل حائلاً دون القضاء على هذه الظاهرة المتفاقمة، فهناك عدد من الأولويات التي يجب العمل عليها ومنها على سبيل المثال محاربة الفقر، والتمكين الاقتصادي للأسرة.
وقال ان الدول الاكثر فقراً تسجل معدلات أعلى لعمل الأطفال، كما أن هذه المعدلات هي، بشكلٍ عام، أعلى في المناطق الريفية مقارنة بالمناطق الحضرية، ويرتبط كذلك عمل الأطفال ارتباطاً وثيقاً بالتسرب المدرسي حيث أنّ الأطفال العاملين الذين يرتادون المدرسة يميلون إلى العمل لساعات أقلّ من غيرهم.
وقال ابو الغيط انه نظرا لهذه التحديات جاءت مبادرة الجامعة العربية ومن خلال هذه الشراكة المقدَّرة مع الجهات الدولية والإقليمية ذات العلاقة، لإعداد هذه الدراسة الهامة التي تلقي الضوء على الاتجاهات والخصائص الرئيسية لعمل الأطفال في المنطقة العربية، وتسلط الضوء على عدد من التوصيات بهدف معالجة هذه المسألة.
واعرب عن تطلعه إلى المضي قدماً في تنفيذ ما جاء بها من توصيات ووضع خطة عمل تنفيذية من أجل تسليط الضوء على التحديات وتقييم كافة الانجازات التي تقوم بها الدول العربية للقضاء على عمل الأطفال.
وتضمنت الفعالية عرضا لأهداف ونتائج الدراسة الإقليمية “عمل الأطفال في الدول العربية”، إلى جانب عرض لفيلم وثائقي حول القضية، وتكريم عدد من الرموز العربية التي لها دورا فاعلا في مجال الطفولة ومكافحة عمل الأطفال في البلدان العربية.