إن التقدم والتطوّر في أي مجالٍ من المجالات لا يأتي إلّا عن طريق الخروج عن المألوف والتغيير المستمر والبحث عن التطوّر والابداع والإستفادة من الذين كان لهم السبق في تجاوز المرحلة الراهنة لما هو أبعد. وتخلّف أي مؤسسة كانت وتأخرها هي قناعتها المطلقة بقدراتها الحالية التي لها عقود والقناعة بذات الإسترتيجيات القديمة بأنها صالحة للحاضر والمستقبل! فنجد الآخرون تجاوزوها بمراحل وهي تدور في نفس الحلقة وتتقدم خطوه وتتراجع خطوة فتبقى كما هي عليه نفس النتائج والجودة والمخرجات!
كذلك هو التعليم. اذا كانت المؤسسة التعليمية بكوادرها تقتنع بذات الطريقة من تعليم تقليدي وتقييم بمعايير أكل الزمن عليها وشرب ويتلقى الطالب المعلومة من المعلم بذات الطريقة التقليدية، وتتم عملية التقييم بذات المعايير التقليدية، وتتنافس المدارس في نهاية كل فصل دراسي على السرعة في اظهار نتائج الطلاب وكأننا
في ماراثون سباق يكون فيه الأسرع اهو الأفضل متجاهلين إمكانية حدوث أخطاء في التصحيح والتقييم والرصد مما ينتج عنه ضحايا في نتائج طلاب لا حول لهم ولا قوه الا انهم في مدرسة تتنافس على ان تفوز بالسباق ويكون لها السبق في إظهار النتائج! فيجب إعادة النظر في ذلك
يجب ان يكون هناك وقت كافٍ بعد الإختبارات ينهي فيها المعلم تقييمه لإختبارات الطلاب بكل دقّه ويقوم الكنترول بمهامه بكل راحه وإتقان وتظهر بعد ذلك النتائج بكل مصداقيه. يجب ان يكون همُّنا هو الطالب والمعلم.. يجب أن نهتم بالطالب لنصنع منه شخصاً نافعاً لنفسه ومجتمعه ووطنه. وإن نهتم بالمعلم ونهييء له سبل التطوير والإبداع في الإداء وإلّا سندور في حلقه مفرغه. هل تسائلنا لماذا يتخرج بعض الطلاب من المرحلة الثانوية وهم يعانون في إتقان القراءة والكتابة باللغة العربية فضلاً عن اتقان جميع أحرف اللغة الإنجليزية التى من المفترض ان يكون في تلك المرحلة وصل لمرحلة كتابة المقالات؟! هل رسوب الطالب الغير مُتقن أمراً يُعاقب عليه النظام؟ للأسف هذا هو حال الكثير من الطلاب…هل تسائلنا لماذا الطالب المتفوق في المواد الدراسية يتفاجأ بنتائج متدنيه في اختبار القدرات؟! هذا هو حال نتائج الكثير من ابنائنا الطلاب مع بالغ الأسف، فنتاج ذلك يُصدم بعض الطلاب في عدم القبول في الجامعات وان تم قبول البعض قد لا يستمر في اكمال الدراسة بسبب التغير الجذري بين ما تعوّد عليه الطالب في عملية التعلم في مدارس التعليم العام والتعليم الجامعي الذي يرتكز بشكل أساس على المعلومات السابقة لدى الطالب
يجب ان يطرح المسؤولون عن التعليم تلك المشكلات على طاولة النقاش بكل شفافية وبحث الأسباب والعمل على إيجاد الحلول لذلك..
اذا لم تكن هنالك تطلعات خارج الصندوق لننشيء جيلاً يشعر بأهمية المادة الدراسية ويكون اتقان اللغة الإنجليزية أمراً بديهياً وننشيء جيلاً قادراً على الإبداع فسندور في حلقة مفرغه. يجب على المهتمين بتطوير التعليم ان يأخذوا المفيد من القائمين على المدارس المتميزة الحكومية منها والخاصه، وإرسال قادة و وكلاء ومرشدون ومعلمون للمعايشة في تلك المدارس فتره من الزمن وتطبيق ما رأوه في تلك المدارس ونقل الأثر عند العودة وتغيير البيئة المدرسية للأفضل. هل ننتظر أن يعايش جميع المعلمين في مدارس الدول المتقدمة تعليمياً للتطبيق؟ لا يمكن ان نتجاهل ما تقوم به وزارة التعليم من جهود جبّارة لإرسال نخبة من المعلمين في برنامج التطوير النوعي خبرات لدول ذات المراكز الأولى في التعليم لنقل الأثر لمدارسنا حال العوده، ولكن هنالك معلمون مبدعون قد لا تُتاح لهم الفرصة للإلتحاق بالبرنامج ويشعر بالألم لرغبته في التطوير! اذاً لماذا لا يتم إرسال هؤلاء المعلمون المبدعون لمدارس متميزه داخل أرض الوطن سواءً المدارس الحكومية منها والخاصة لنقل الأثر في مدارسنا؟! هنالك مدارس في وطننا الغالي تجاوزت في التنافس في الإبداع من المستوى المحلي الى المستوى العالمي، فلماذا لا يتم الاستفادة منهم؟! يجب ان نتجاوز مرحلة التلقين الى مرحلة التفكير والإبداع والبحث عن المعلومة والتفكير خارج الصندوق! يجب إشراك ولي الأمر في العملية التعليمية لمتابعة ابنه ومحاسبة المقصر منهم، يجب تغيير البيئة التعليمية التقليدية الى بيئة تعليميه جاذبه يستمتع بها الطالب في عملية التعلم ويستمتع بأسرته وهواياته عند العودة للمنزل وعدم ارهاقه بالأسلوب القسري للتعلم والواجبات المكثفة، فمن حق الطالب ان يتعلم بالإستمتاع داخل المدرسه وان يستمتع في منزله بأسرته و هواياته. أما آن الأوان للتغيّر نحو الأفضل والبحث عن كل جديد؟
وختاماً لازال لديّ الأمل والتفاؤل للتطوّر والإبتكار في مدارسنا بعون الله أولاً ثم بوجود المخلصين القائمين على التعليم وبوجود معلمون يحملون هم أداء هذه الرسالة وهم كُثُر ولله الحمد قادرون على ذلك متى ما كانت الطرق المؤدية لذلك خالية من العوائق..
دمتم بود…
كتبه/ اسماعيل محمد الغانمي
معلم مادة اللغة الإنجليزية بمتوسطة وثانوية طيبه
وعائد من برنامج خبرات ١ في دولة فنلندا