أعتقد أن هذه العبارة لا تنحصر فقط على مصطلحات اللجهة المصرية ،
حتى أنها تستخدم في مجتمعنا في الحجاز بنفس الكلمة، وربما أيضا في نجد فكلمة ( فِقَري ) أو ( فقارى ) وهي كلمة : مشتقة من كلمة الفقر ،
وهو ضيق اليد وقلة الحيلة ، وشح الخيارات .
وتطلق على الشخص ضيق الأفق، الذي يختار دائماً الأفقر .
أي أنه إن كان وسط مجموعة لإنجاز مهمه ، كان عبئاً عليهم . وإذا كان معهم لإنجاز مهمة نجحوا فى تنفيذها من قبل فإنهم قد لا ينجحون فيها وهو معهم .
يتصف بقلة الحيلة ، والإحجام عن الفعل والإنجاز الذى يحتاج إلى مجهود شاق .
والإدعاء بمظهر وسلوك على غير الحقيقة .
وغالباً ما يكون أحد أسباب فشل المجموعة عندما يشارك معها ، أيا كان هذا السبب ، مما يجعلها ترفض مشاركته فى مرات تالية .
كثيرٌ هم هؤلاء( الفقريين) تجدهم حولك ، وأكثر ما تجدهم في المنظمات ، وإن كان هذا السلوك سائداً في المنظمة تحولت المنشأة أو المنظمة إلى منظمة ( فقرية) وهي ظواهر عشر اقتبستها من إحدى مقالات استاذي "د. محمد كمال مصطفى"
- الظاهرة الأولى : الرؤية إلى الإدارة العليا ( المسئولين ) على أنهم مجموعة تعمل لصالحهم فقط .
وهي النظرة السلبية الدائمة للإدارة العليا مع أنهم لو كانوا فى مواجهة مباشرة معهم كان المديح المبالغ فيه والذى يتم فيه تركيزهم على تضحياتهم بمصالحهم فى مقابل صالح المنظمة والإدارة العليا
- الظاهرة الثانية : ( هى اللى تعرفه أحسن من اللى ما تعرفوش) وهي التمسك بالوضع الحالى ورفض التغيير و ( المغييرين )
هذه أبرز وأهم مظاهر ( الفقري ) ، وهي التمسك بالوضع الحالي والإجراءات الحالية ، والأنظمة الحالية ، والمدير والرئيس الحالى ، والسكن الحالى .. وقد يترتب عليها الحنين الشديد إلى الماضى ، ومقارنة الوضع الحالى به ، دون التطلع إلى المستقبل .شعارهم ( إحنا أحسن من غيرنا )
- الظاهرة الثالثة : كثرة الشكوى :
يشكوا من كل شيئ حتى الأقلام التي يستخدمها ، وتصل إلى ( المكيف ) الذي( يكيفه) يشتكي من كل شيئ ولكل شيئ . فهو لايشتكي للإصلاح وبيان الحق المشروع والمطالبة به، ولكنه قد يكون نوع من الحماية ، وشكل من أشكال المشاكسة ، وتأكيد للذات ، وتعبير عن المشاركة ، ورغبة سلبية فى إذلال النفس ( الشكوى لغير الله مذلة ) ، وتعبير عن قلة الحيلة والعجز والقصور .
وقد يكون "حق يراد به باطل" .
-الظاهرة الرابعة : افتقاد الطموح ، وانعدام الرؤية نحو المستقبل ، وافتقاد المنهجية المسبقة قبل تنفيذ المهام والأعمال ، تجده كما هو ولو بعد بضع سنين .
- الظاهرة الخامسة : السخرية وإطلاق الشائعات حول قرارات الإدارة العليا نحو الإصلاح والتغيير دون التناول الموضوعى لهذه القرارات :
غالباً ما تمثل السخرية وإطلاق النكات والشائعات ردود فعل وحتى لو كان السبب فى ذلك هو افتقاد الثقة فى الجهات التى تصدر القرارات فإن توجيه الاسئلة الموضوعية والمناقشة الجادة دائماً هو البديل الأفضل .. فالأمر قد لا يرجع إلى فقدان الثقة بقدر ما يرجع إلى أن إطلاق الإشاعات والنكات والسخرية هو الأسهل .
• الظاهرة السادسة : الاعتقاد الجازم بأن هناك قوة ما قادرة على إنقاذ الفرد ، وتغيير وضعه ، والتطلع الدائم إلى الله أن يرسل هذه القوة . ( مشيئة الله ) (ونعم بالله ) .
"على الرغم من أن الإيمان بالله لا يدعوا إلى الاستسلام واليأس ، بل يحض على الإصرار والمقاومة فى سبيل التغيير إلى الأفضل ، إلا أن الأسهل هو الاستسلام واللجوء إلى قوة غيبية وتفويض الأمر لها " فوضت أمرى إلى الله " دون البحث الجاد عن الأسباب ، ودراسة الإمكانات المتاحة والممكنة للحلول ، والعمل الجاد على تنفيذ الحلول" .
• الظاهرة السابعة : الجودة ، والدقة ، والحيطة والحذر ، مجرد كلمات غالباً ما يتم ترديدها والتأكيد على أهميتها ، دون أن تترجم فى سلوك فعلى ،ففى الوقت الذى يبدأ المديرين والمسئولين كلماتهم فى إصلاح المنظمات بالجودة والمقاييس والمعايير ، والذي غالباً ما يواجه فيه الموظف ( الفقري) عبارة ( مافيش فايدة )
- الظاهرة الثامنة : الرأى يسبق المعرفة :
الرأى هو تعبير عن وجهة نظر قائله فى موضوع ما ، وبالطبع فإن إبداء الآراء أسهل كثيراً من البحث عن المعرفة الموثقة والمؤكدة ، أو محاولة تقبل العلوم الجديدة والتجارب الناجحة من ذوي الخبرات ، لذلك يكون أصحاب الآراء فى تحالف دائم ومستمر على إقصاء أصحاب المعرفة فى معظم الأحوال من ( باب أسهل ) ، الذي يقود إلى الحل الأصعب .
- الظاهرة التاسعة : ( يعرف كل شي ) الإدعاء بالمعرفة والمهارة ، والقدرة والخبرة والتجربة ، على غير الحقيقة ، وعند الفعل قد يحدث الانسحاب ، وإن تم الفعل فقد يحدث الفشل ، وإن تم الفشل ، تكون لدى الفرد قدرة فائقة على تقديم العشرات من التبريرات ، وعلى دفع أسباب الفشل عنه وتبرئة نفسه ، والخوض في مبررات ونقاشات واثباتات تبعد عنه المسؤولية ، ويصلقها بغيره.
- الظاهرة العاشرة : تكدس العمل ، وبطء الإنجاز ، وانخفاض الإنتاجية :
وغالباً ما يكون ذلك مصحوباً بقدر كبير من التسيب والإهمال والتأجيل والتسويف ، وإضاعة الوقت فى أسباب لا علاقة لها بالمضمون الفنى لمحتوى العمل الذى يقوم به الفرد ، مع السبق بالشكوى من صعوبة ما يقوم به من عمل .
هذه هى الظواهر العشر لثقافة الفقر وللموظف ( الفقري ) التى لو وجدت فى منظمة أو منشأة ما أو مجتمع ما تكون منظمة فقرية .
أضف عليها :
- ظاهرة الموظف ( المحصن ) الذي مهما قال أو فعل أو أخطأ ، فإنه يتمتع بحصانة من الإدارة العليا التي قد تنخدع بسلوكه ، رغم تلمسها أخطاءة وسوء تصرفاته إلا أنه ( حصين ) ، وهي ليست فقط على الموظف فقد يكون ( المسئول ) محصن ،
لكن تأكد أن هذه الحصانة لن تدوم مع طول الوقت. لأن مصلحة المنشأة أو المنظمة أو المجتمع أولى من الإستمرار في هذه الحصانة .
عموماً ( الفقري ) واضح الملامح ، ومعروف المسالك ، لأن تصرفاته تؤدي إلى المهالك .
لا تخالطوا ( الفقري ) ، ولا تمكنوا ( الفقري ) فعداوته ناقلة، وأثره يؤدي إلى الفقر .
تحياتي