افُتتح اليوم بالقرب منا سوق جديد الطابع والشكل والمنتج، سوق البضائع النادرة والمتميزة والتي تعيش معك فترة طويلة إن احسنت استخدمها. ذهبت للسوق ومعي البوك (محفظة نقودي )، وبطاقات الفيزا لأتسوق من هذه السلعة .لعلني أجد ما ابحث عنه .
دخلت السوق، سوق ضخم كبير اكبر (نيو ساوث الصيني) لكن ضخامته ليست بحجمه أنما بعمقه أثره ، تجولت أبحث عن أبحث عنه فكتبت ورقة وضعت فيها كل احتياجاتي. احترت من أين ابدأ وما هي اولوياتي!!؟
في أولى قائمتي التي ابحث عنها هي (الاخلاق) فقلت لما الأخلاق؟ وما هي الأخلاق التي ابحث عنها؟
فوجدت متجراً يبع الأخلاق، على بابه لوحة مكتوب عليها.
(الأخلاق صفة ترسمك) ، وعبارة ( إن لن تشتري .. لا تضيع وقتك بالبحث)
قلت لنفسي: ماهي الاخلاق؟ هى سلسلة من الخيارات التي ترسم كيفية تعاملنا مع الآخرين تحت ضوابط منع الضرر عنهم، وجلب المنفعة لهم. وهي فطرية ومكتسبة والأهم فيها الاكتساب.
فقلت: هل فعلاً هناك اشخاص (مفتقري الاخلاق) أجبت نعم: هو الذي لا يشعر بتأنيب الضمير عندما يسيء إلى الآخر.قفلت هل هناك ما يحكم التصرف مع الآخرين؟ وهل يوجد في القرار جانب أخلاقي؟
نعم .وهو الأخذ فى الاعتبار مراعاة مشاعر الآخرين والتعاطف معهم.
يقيده (دين وإنسانية) ويديره (عقل) فتركت المتجر ..قلت: إذاً اشتري عقل !! ولماذا العقل؟
لأنه هو: آلية التفكير بشقيه المنطقي والواعي، والعاطفي الذي يرتبط بالمشاعر والأحاسيس والعواطف، وغالباً ما يكون العقل المنطقي مسئولاً عن الحد من التأثير السلبي للمشاعر والأحاسيس في القرار.
إذاً (إذن ) العقل وقراراته هو نتيجة وظائف.!! فوظائف العقل بشكل عام فهى :
الفهم + التذكر + التنظيم + مقاومة التشتت والارتباك بما يؤدى (=) إلى ترتيب الأولويات (الأهمية النسبية) + القرار الرشيد .
وله إطار يقيده عند استخدام العقل، الدين والقانون والأخلاق والعلم.
(أذن) أنا مقيد لا استطيع أن افعل ما يحلو لي !!
ومتى تفعل ما يحلو لك ؟
عندما تكون مستعداً لأن تتحمل تبعات اختياراتك ، وعندما تتعلم كيف تقول لا دون أن تشعر بالذنب أو الخوف أو الندم ، وعندما تستطيع أن تقول نعم دون إحساس بالأنانية ، وعندما تكون قادراً على التسامح مع الآخر ، وقادراً على التحرر من آلامك ، وقادراً على نسيان ذكريات الماضى الأليمة ، والأهم عندما تعرف قيمتك وتكتشفها ، وتعرف أنها كل النجاحات التي صنعتها والتي استفاد ويستفيد منها الآخرين ، وأنك قادر على استمرارية تقديم نجاحات يستفيد منها الآخرين
فقلت أن الموضوع يحتاج إذاً إلى شراء قوة؟ ولكن ماهي القوة؟ القوة:هى امتلاك القدرة على التأثير فى الآخرين ؟وما هو التأثير ؟ هو أن تجعل الآخرين يصنعون شيئا ما كانوا يصنعونه لولا تدخلك بالإقناع أو الإلزام .. وقمة التأثير هي أن تجعلهم يصلوا إلى أبعد مما يتوقعون هم .
قلت إذن اشتري الحب !؟ فقلت هل سيفيد شراء الحب؟ وهل هذا سيجعلني صاحب قرار، ومؤثر، وقوي ، وذو اخلاق ؟ كيف تتوازن العلاقة مع من حولي؟
إذا جعلتهم يحبوك، ومنعتهم من أن يتلاعبوا بك .
• وكيف يكون ذلك ؟
يحبوك عندما تساعدهم دون شروط، ودون انتظار للمقابل.
وتمنعهم من التلاعب بك عندما لا تسمح لهم بأن يضعوك تحت التهديد، وأن يستغلوك، وأن يمنعوك من التصرف على سجيتك رغم أن تصرفاتك تخضع لقواعد الأخلاقيات وأصول التعامل.
وهل تعي الناس أن الحب قبل أن يكون مشاعر هو تصرف؟ وبتصرفك تجعلهم يحبونك! وكيف يكون ذلك ؟
عندما تراعى مشاعرهم ، وتنصت لهم باهتمام عندما يتكلمون ، وعندما لا توحى لهم أنك كامل لا تخطئ ، وعندما لا تضر بمصالحهم ، ولا تخدعهم ، ولا تهدد مكانتهم، ولا تستغل حيائهم .
عندما تبتعد عن التعالي على الآخر، والذى هو ببساطة أن تقول له أنت لا تعرف مع من تتعامل ومع من تتكلم، وعندما تبتعد عن الغرور الذى هو الادعاء بأنك تعرف كل شيء مع الرغبة الجامحة في أن تجعل معرفتك معرفة مطلقة تستحق الاعتراف بها .
وعندما تبتعد عن التسلط عليه الذي هو أن تفرض على الآخر ما تعرفه على أنه الحقيقة الوحيدة التي ستضيئ حياة الآخرين وتنقلهم من الجهل إلى المعرفة.
اذا احتاج إلى أن اشتري التواضع؟ ولكن أليس الأن مجتمعاتنا تفتقر الى التواضع، وتفسر التواضع على غير معناه؟ ويصفون المتواضع بالجبان والخائف؟ ومن يظهر التواضع يفتقد احترام الذات ؟
التواضع: ليس دلالة على افتقاد احترام الذات، أو الإذعان والجبن، ولكنه الإيمان بحقيقة أنه لا يوجد شخص يعرف كل شيء، وشخص آخر لا يعرف شيئاً مطلقاً (ليس هناك معرفة مطلقة، ولا جهل مطلق).
لذلك فالتواضع هو الاستماع بكل الاهتمام إلى من هم أقل منا قدرات دون أن يعنى ذلك أنه من قبيل التنازل أو التعاطف.
فقلت يا الله، يا رب انر لي طريقي ، فإني وكلتك أمري فأنت لي خير وكيل ودبر لي امري فإني لا احسن التدبير .
سأشتري الثقة !! لأنها مفتاح النجاح، ومحرك النفس والآمال، وهل يكفي أن اثق بنفسي واعود الى منزلي دون أن أشتري؟ أم أنه لابد من الوثوق بالآخرين؟ نعم، الثقة في النفس هي الاعتقاد فيما تقوله وما تفعله.
والثقة فى الآخر هي الاعتقاد فيما يقوله الآخر وما يفعله، أما الثقة المتبادلة بينك وبين الآخر فتتوقف على :
* احترام الذات والآخر.
* الشعور بقيمة وأهمية ما تقوم به من أعمال ، وما يقوم به الآخر من أعمال .
* الالتزام ، وهو القبول الاختياري للأهداف والأفعال والقيم المشتركة ، والعمل الجاد على تنفيذها مع الآخر .
* التعاون ، وهو الرغبة الجادة للمشاركة الفعالة مع الآخر.
وحتى تكون الثقة كاملة تجاه الآخر، خصوصاً إذا كان هذا الآخر فى مجال علاقات رسمية لابد وأن تجمع هذه الثقة بين الثقة المهنية والثقة الشخصية.
والثقة المهنية تقوم على * الوفاء بالتزامات العمل التركيز على الأداء*وارضاء الله قبل إرضاء العميل
أما الثقة الشخصية فتقوم على*المحافظة على الوعود * احترام آراء الآخر* تقدير مكانة الآخر .
فقلت ما هذا السوق؟ كبير !وعميق !ومحير !، وحظي أن وقعت في هذا السوق ؟ فقلت سأختصر الطريق إن ما اريده من الاخلاق، والحب والقوة، والثقة، والتعامل، والحظ، كل ذلك اريده ليوصلني إلى النجاح. فلماذا لا أختصر الطريق واشتري النجاح وقليل من الحظ. !! ولكن هل النجاح يعتمد على الحظ؟
لا، لأن الحظ هو نقطة التقاء الاستعداد مع الفرصة، والاستعداد هو الامتلاك الكامل للقدرة والرغبة والإرادة والوعى الكامل لإنجاز مشروع ما أو هدف ما أو غاية ما أو ، أو ...
أما الفرصة فهي المغانم والمكاسب المتاحة والممكنة بفعل تضافر وتفاعل عوامل سياسية واقتصادية واجتماعية وثقافية، يمكن للأذكياء اكتشافها، وللمستعدين اغتنامها.
وهى فرصة لأنها لو لم يغتنمها الأذكياء والمستعدون، ستنقلب من مغانم إلى مغارم يكون الندم عليها فى المستقبل (أي عند ضياعها) .
ما هذا التعقيد وما هذه الحيرة؟ ،فالحياة فيها خيارات صعبة، والتعامل مع البشر أصعب، ورضى الله اقصر، وطاعته ألذ وأطعم ، ومحبته تأثيرها أعمق ، ونتيجتها أوقع . فمن ارضى الله رضيت نفسه، ومن رضيت نفسه، اختلفت طريقته، وتغير في الناس وصفه ورسمه.
فالرضى يمنحك الثقة بالنفس والشجاعة !!
إذن سأشتري الشجاعة حتى أنجح وقليل من التسامح حتى أفلح !! إذن لا بديل عنهما للنجاح في الحياة، وفى توازن العلاقة بينك وبين الآخر.
فالشجاعة هي الانتصار والتغلب على مشاعر الخوف والتردد، وهي الإصرار على مواجهة الصعوبات، وأيضاً قبول التحدي، خاصة عندما نمتلك الاستعداد.
أما التسامح، فهو لا يعنى السكوت عن ما لا يحتمل، كما لا يعنى عدم الاحترام أو إخفاء الغضب، ولكنه يعنى كيف نتعامل مع من يختلف عنا بالحب والتواضع.
أنه السلوك المهذب والمتدبر فى القول أو الصفح عن ما تعتبره غير مرغوب فيه لأنه متعارض معك ويضر بمصالحك ويهددها.
فجأة ضرب البوق، صوت المنبه، واستيقظت مفزوعاً أبحث عن السوق،لم أشتر شيئاً حتى أنني فقدت البوك (المحفظة)، ففتحت الفيس بوك، على صفة استاذي ومعلمي د. محمد كمال، فقال لي: (روق !) إن ما تبحث عنه لا يستوعبه سوق، إن ما تبحث عنه ينبع من داخلك يشع كما الشروق، فلا يباع ولا يشترى لا بعلبة ولا بصندوق، تعلم في الحياة أن تعيش بخلق، فالخُلق مفتاح! تحبك الناس وتعشقك فيه الألوف، والشجر والبلاد والعباد وحتى الأشرار من الخلوق.
أعن نفسك على الطاعة وربي نفسك على الثقة فهي تحب الوثوق، واستعن بصديق صدوق، وارض ابويك وإياك والعقوق، وعش حياتك في حدود. فحدودها ألا تدوس على الناس، ورد للناس الحقوق، فرد الحق اليوم أهون من أن تُعرض على الملأ يوم الحساب المنطوق.