في هذا العالم الجميل هناك من يعمل بصمت، يكافح ، يحامي و يقول بكل ما يقال وما لا يقال له. اتخاذ القرارات الصعبة و المصيرية .ليس مصيريه وحسب بل ومصير كل من يستظل بخيمته.
في السبعينات كلنا شاهدنا المسرحية الرائعة "العيال كبرت" و ضحكنا على ذلك الفن الراقي الذي لا يزال يبهجنا حتى الآن. خاصة العبارة الأخيرة و النقاش ما بين نجم المسرح الفنان سعيد صالح بدور الإبن و المبدع حسن مصطفى رحمهما الله بدور الأب الذي كل كاهله من عناء تربية الأولاد وتمنى أن يعيش له يومين مبسوط مع زوجة جميلة مبررا هدفه بقوله
أنها حياتي الخاصة
فرد عليه ابنه: بما أنك أنجبتنا فلم يعد هناك حياة خاصة.
أصبحنا كلنا جزء من حياتك الخاصة
لم أعيي تلك العبارة إلا حينما أصبحت أب ووعيت ثقل واجباته ومهماته التي لا تنتهي .
الأب هو البنك الذي يمول البيت اقتصاديا وهو الوسيط الحسن لمناصب أبناءه و بناته و لعل كل أب بنى الكثير من العلاقات فقط ليضمن مستقبل أولاده حتى مع ناس يكرههم هل كان الأمر نافقا أو تضحية لأجل سعادة فلذات كبده.
الأب هو المدافع المحامي عن الأبناء و مشاكلهم مع المجتمع و يدفع ضريبة أخطاء أبناؤه و ليتهم يقرون
الأب هو الطبيب النفسي للأم حين تشتكي له هم التربية و همومها الخاصة والمطلوب منه فقط أن يستمع لتخرج مافي جعبتها من الآلام .
وهو الخطيب والإمام الذي يصلي بأبنائه و المدرب الذي يلقنهم أصول الحياة .
يغيب طوال اليوم ليجمع قوت عياله و جل وقته يرمم هيكل الأسرة .
وصلني من فترة قريبة وفاة أب بمرض السرطان العضال رغم أنه أمضى آخر سنوات عمره يتابع علاج زوجته فَلَو انتبه لنفسه وقام بأي تحليل لاكتشف المرض قبل أن يتفاقم ولكن هذا هو الأب التضحية والتفكير بالآخر من أولى أولوياته .
بمجرد وفاة الأب يعلم الأولاد ماذا كان يفعل كالمواطن الذي يمضي معظم وقته استمتاعا بالحياة ثم يطلب للتجنيد وبذل حياته للوطن.
هذا هو دور الأب بكل بساطة القيام بكل شيء وعدم انتظار شيء.
لذا يحتاج الأب للدعم النفسي من زوجته وأبنائه ليستمر بالعطاء أكثر وأكثر ورحم الله كل أب بدد حياته لأجل أبنائه