هذا المقال ليس عنصرياً حتى وإن كنتَ عنصرياً ، فلا مانع من قرأته.
في التطور المتسارع في كافة نواحي الحياة المختلفة وبالأخص حياة الأعمال فرضت التكنولوجيا سيطرتها على الحياة بكافة فروعها، فالأجهزة الإلكترونية في يد الطفل قبل الكهل ، وفي يد العامي قبل العالِم .
وكل ساعة ! تظهر لنا العديد من الاختراعات أو الابتكارات الى درجة استبدال الإنسان (بالروبوتات ) لكافة الأغراض وهو اتجاة العالم لما فيه من إتقان ، وتقليل الأيدي البشرية تقليصاً للتكلفة المالية والمادية ولمزيداً من رفع الطاقة الإنتاجية ، وتخفيفاً للعبئ المصاحب الأيدي البشرية وإدارات الموارد البشرية والأفراد.
وهذا أصبح واضحاً جلياً في سوق الأعمال وخصوصاً الصناعة .
حيث تشير دراسة أجريت عام ٢٠١٦ من جامعة أكسفورد الى أن ٤٧%من إجمالي العمالة في الولايات المتحدة ستكون عرضه لخطر التشغيل الآلي (الربوت) .
وحذرت منظمة العمل الدولية ان ٥٦%من العمالة في كمبوديا واندونيسيا والفلبين وتايلند وفيتنام عرضة لخطر الإزاحة بفعل التقنية خلال العشر سنوات القادمة .
غير أن هذه التكهنات القائمة تتجاهل حقيقة مفادها أن أغلب الوظائف تشمل مجموعة من المهام وبعضها لا يمكن تشغيله آلياً، إذ تشير دراسة اجرتها منظمة التعاون الاقتصادي والتنمية عام ٢٠١٧ والتي حللت المهم حسب المهام الى ان ٩%فقط من الوظائف في المتوسط في ٢١دولة من دول المنظمة معرضة للخطر حقاً، ومع ذلك يظل عدد كبير من الدول غير جاهزة لأسباب تتجاوز البطالة ففي عام ٢٠١٤ كان لدى الصين ١١ ربوت مقابل كل ١٠الاف موظف في صناعات غير السيارات ونحو ٢١٣ ربوت مقابل كل ١٠ الاف موظف في خطوط تجميع السيارات وهذا اقل بعدد مئات مقارنة باليابان أو أمريكا أو ألمانيا.
التطور السريع يجعل الإنسان يتآكل إن لم يكن مستعداً لهذا التطور .
ولم يتغذى بالمعرفة ، وينمي مهاراته،
وإن لم يكن متواكباً مع هذا التغير المتسارع فسينقرض.
ولتخفيف من حدة هذا التغيير والاحلال الذي أعتبره منطقياً كون العالم يسعى لتقليل الإعتماد على البشر ، أو التركيز على المورد البشري كمورد ناضب والاستفادة منه لتحويله من ناضب إلى ناضج ! فكرياً ومهنياً ومتواكب مع التغيرات .
(فالزمن القادم زمن مهارات لا زمن شهادات ).
وحتى تواكب القطاعات المختلفة في الدولة وخصوصاً الشركات لابد أن تسعى جاهدة إلى إصلاح سوق العمل وإصلاح أنظمة التعليم والتدريب الفني والمهني .
وهذا لا يتأتى إلا بتظافر الجهود بين مؤسسات الدولة والقطاع الخاص بالتحالف والتعاون مع مؤسسات التعليم والتدريب المحلية والدولية لتطوير الموظفين والعاملين، تماشياً مع التغيرات الحالية واستعداداً للمستقبل .
ففي الهند ادركت ذلك واطعمت موظفيها والقوى العامبة لديها واستعدت لهذا الهجوم واستعدت لاطعام موظفيها قبل أن يتآكلوا وينقرضوا
ففي العام 2008، بدأت الحكومة الهندية في إصلاح قطاع التعليم والتدريب المِهنيين، وطرحت في ذلك الوقت شِعار إستهداف تأهيل 500 مليون فرد مِهنيا حتى العام 2022.
في البدء، إختُصت بالإصلاح "وزارة العمل والتوظيف . وإلى جانب هذه الوزارة، كلفت الحكومة الهندية في العام 2010 بالأمر أيضا، "مؤسسة تنمية المهارات الوطنية" (National Skill Development Corporation , NSDC)، وهى مُنظمة تهدف في المقام الأول، الى تعزيز وتحفيز عارضي ومُقدمي التعليم والتدريب من القطاع الخاص، وإنشاء "مجالس مهارات للقطاعات"
لتحقيق المُستهدف من الناحية الكمّية، فقد إعتمدت مؤسسة (NSDC) على عقد عدد كبير من الدورات التعليمية التدريبية المُختصرة، قصيرة الأمد - لكن ذلك كان على حساب النوعية والجودة.
كما أن بوسع القطاع الخاص أن يساعد في صقل المزيد من الخريجين من ذوي المهارة لسوق العمل.
خطوات بسيطة تساعدنا على الحد من هذا الانقراض ، وخطر التصحر الفكري والجفاف المهاري، حتى وإن جرف سيل التقدم اجزاءا من التربه ، فكما لكل مشكلة حل فلكل حل طريقة ، ولكل طريقة أسلوب.
لابد من اتباع أسلوب التوعية بأهمية تطوير العمل والسوق والصناعة . يبدأ ذلك من وعي المؤسسات الحكومية لأهمية ذلك .
- عمل تحليل وتحديد شامل عن الفجوة مابين ماهو موجود وما هو مفقود .
-خطة تنفيذية مواكبة وسريعة لاهم الأولويات وفق الاحتياج .
- الزام المؤسسات الخاصة لتخصيص جزء من ميزانيتها للخدمة المجتمعة ، وذلك لتدريب معلمين ومدربين ليقوموا بدورهم في تدريب غيرهم.
- يمكن ذلك من خلال منصة تدريبية لسهولة استخدامها وعموم فوائدها .
قبل أن ينقرض الموظفون ! علينا اطعامهم بالدورات التدريبية وتنمية مهارتهم لمواكبة التطورات قبل أن نطلب منهم مزيداً من الجهد والعطاء ، فلن يعطي دون أن يُغذى ولابد أن تكون التغذية صحيحه وصحية وسليمه ومفيدة حتى يعطيك أكثر.