افتتح الوزير المهاب مبنى إحدى الإدارات الفرعية للوزارة , حظي الوزير باستقبال حافل من مدير الإدارة وفريق عمله المميز حيث تفضل بقص شريط الافتتاح ثم تجول في أروقة الإدارة واستمع من مدير الإدارة إلى شرح تفصيلي عن المرافق والخدمات المقدمة لعموم المراجعين , واستمتع
بالألوان الزاهية المريحة للعين والمكاتب الأنيقة والجدران المصقولة , ونقل ناظريه حيث شاء من التصاميم الأخاذة , وفي ختام الزيارة أدلى بتصريح صحفي أشاد فيه بما رآه وشكر مدير الإدارة على جهوده المقدرة وغادر الموقع إلى المطار حيث طار إلى وزارته .
عقب مرور 24 ساعة على الافتتاح كان القدر !!!
فعند مرور أحد المراجعين بإحدى الممرات لاحظ شرخا في إحدى البلاطات الرخامية على الأرض فما كان منه إلا أن وثقها بمقطع سنابي مدته 60 ثانية وأرسلها لمتابعيه معلقا عليها بقوله :
شوفوا الفساد ياناس أمس الوزير يفتتح المبنى اللي كلف ملايين ويوم واحد بس وشوفوا الرخامة كيف مكسوره حسبي الله ونعم الوكيل ..
طار الركبان بالمقطع السنابي , وسالت أحبار أقلام الصحفيين والكتاب تعليقا وتعقيبا وتهديدا للوزير ولمدير إدارته فأحدهم كتب مانشيتا بعنوان : (60 ثانية تعري فساد الإدارة) وآخر حرر مانشيتا عنوانه : ( شرخ تحت أقدام الوزير ) وثالث كتب : ( مدير الإدارة سيدفع ثمن الشرخ ) كل تلك كانت شيئا لايذكر مع وصول المقطع لتويتر وبلوغه الترند ( # شرخ تحت أقدام الوزير ) وفي أقل من 24 ساعة فقط .
في صباح اليوم التالي وحينما كان المدير الشاب يفتتح ورشة عمل بعنوان ( دور الإدارات الطموحة في تحقيق رؤية 2030) تلقى اتصالا مباشرا من الوزير الغاضب يسأله عن الشرخ وماذا فعل بشأنه ؟ وهل تم تشكيل لجنة للتحقيق ؟ وهل سيتم إصلاحه ؟ ومتى ؟ وكيف ؟ رد المدير بهدوء : أن الأمر عادي والشرخ بسيط ولم يره أحد من المارة سوى ذلك المراجع المتصيد وإدارتنا يامعالي الوزير كما رأيت متقدة بالصفاء شكلا وروحا ..
لم يرق للوزير الرد فأغلق السماعة وأصدر قرار إعفائه , وكلف نائبه بالإدارة .
شمر المدير المكلف عن ساعديه وشكل لجنة للتحقيق , وأغلق الممر كاملا لمدة أسبوع حيث نسف كل الرخامات وأعادها من جديد وأقام مؤتمرا صحفيا أمام الممر مباشرة وأوضح أسباب الشرخ وطرق العلاج وشكر المراجع النزيه ووعده بالتكريم أمام الملأ لنزاهته ورفع شكره للوزير على متابعته وتوجيهاته .
وفي اليوم التالي يتصدر تويتر هاشتاق ( # شكرا معالي الوزير النزيه ) .. فيصدر الوزير خطاب تعيين للمدير المكلف ليصبح مديرا رسميا للإدارة . وبعد مرور عدة أشهر .. يصبح المراجع النزيه من مشاهير السوشل ميديا خصوصا بعد تكريمه من قبل نائب الوزير , ويتقرب المدير الجديد من الصحفيين وكتاب الرأي ليصبح صديقا حميما لأغلبهم يشاطرهم رسائل الود والاحترام .
أما ورشة العمل فتوقفت باتصال الوزير وخطة عمل الإدارة التي من المفترض إقرارها بعد ورشة العمل تأجلت لموعد لربما يعلن عنه فيما بعد ..