خَلق الناس يشبه خَلق أوراق الشجر تكون خضراء في عنفوان وربيع حياتها ، ثم إذا أتى الخريف تجف وتيبس وتضعف وإذا هبّت أي نسمة ريح تأخذها من غصنها لتهوي بها على الأرض ، لكن بعض الناس والقليل منهم لا يشبه الأوراق بل يشبه النجوم الثابتة في مسارها لا تتأثر بالرياح مهما كانت عاتية لأن أرواحهم وقلوبهم وأفعالهم نابعة من ذكر خالقهم وأرواحهم مستقرة مطمئنة بحبِّ الله ، فينعكس هذا الحبّ السامي إلى تصرفاتهم وأفعالهم فتصبح قلوبهم سخيّة كريمة ، مثل الشجرة الطيبة التي تؤتي أكلها كل حين كما جاء بالآية الكريمة ، وجاء بالحديث الشريف بأنّ رسول الله صلى الله عليه وسلم قال : " أفشوا السلام وأطعموا الطعام وصلوا والناس نيام تدخلوا الجنة بسلام " لأنّ النفس السخية مملوءة بحبّ الله ورسوله طافحة بالخير الرباني فيرى نعمة الله عليه أنها اختبار له عندما يضع الله تعالى في طريقه ذوي الحاجة ، وهناك سرّ إلهي يتمتع به صاحب هذه النفس الكريمة أيضاً يكون كريماً في تعامله ولا يمنّ على مد لهم يد المساعدة ،ويكون كريم الروح أيضاً وهذا هو سرّ هو الشجاعة وعدم الخوف من نقص في أمواله فينفق دون خوف من نقصها لعلمه بأنّ الله هو المعطي وهو المانع والكرم إن لم يقترن بالشجاعة فمآله إلى الزوال والتغير لذلك عندما خشيّ سيدنا بلال على إنفاق بعض الدراهم وقد كان أمين خزنة رسول الله صلى الله عليه وسلم وأفصح له عن خوفه فقال رسول الكرم الرباني قولته الشهيرة : " أنفق بلال ولا تخشى من ذي العرش إقلالاً " هذا هو الكرم الحقيقي والسخاء الرباني وكل إنسان مؤمن لديه هذه الخلّة الكريمة السامية هو أحبّ إنسان إلى الله ألم يأتي بالحديث قوله صلى الله عليه وسلم : " قيام المؤمن في حاجة أخيه خير له من عبادة ثمانين سنة " والقيمة بالجزاء وليس بالمقياس .
يقول الله تعالى في كتابه العزيز : ( الأخلاء يومئذٍ بعضهم لبعض عدوّ إلا المتقين ) المتقين الذين يقومون بأعمال قاصدين بها وجه الله تعالى وبأفضل ما أمكنهم لأن من معاني كلمة التقوى تعني الجودة في العمل وتحري الأفضل والأجود . هنيئاً لهذه النفس بهذه المكانة العليّة عند الله .
وما جاء في هذه المقالة قد يقول البعض بأنه لا يوجد في زماننا هذا من هو بهذه المواصفات ولكنني عشت مع هذه الشخصية واقعاً دام لثلاثين سنة لم تتغير ولم تتبدل ولم تشعر أحداً من حولها ممن تمد لهم يد المساعدة بسخاء لا يوصف بأنها صاحبة فضل عليهم ، بل كانت ومازالت تحتضنهم بقلب كريم وخلق كريم ، ولو أنّ الدنيا خلت من أمثال هؤلاء فعلى الدنيا السلام .
1 comment
1 ping
د اسامة
07/11/2018 at 12:41 ص[3] Link to this comment
كلام في غاية الجمال لو ان في الامة امثال تلك الشخصية لكانت امة سيدنا محمد افصل الأمم وارقها ولكن للأسف الشديد تلك الصفات الإسلامية انتهت ولم يبقي منها غير التاريخ ندعو الله سبحانة وتعالي أن تعود القيم الإسلامية والتريبة المحمدية الي الأمة التي تدعي الإسلام.