١٠٠ عام على انتهاء الحرب العالمية الأولى الأشد فتكا وها هو العالم اليوم يحتفل بحضور عدد من ممثلي دول الحلفاء فى الحرب العالمية الأولى، فى مدينة سالونيك اليونانية التى كانت قاعدة جيش الشرق، في ذكرى مرور ١٠٠ عام على توقيع هدنة ٢٩ سبتمبر ١٩١٨ التى كرست هزيمة دول المحور أمام دول الحلفاء فى الحرب العالمية الأولى، والتى كانت نزاعا أوروبيا واسعا بالأساس، انتهى على الجبهة الغربية فى فرنسا وبلجيكا، حيث جرت المعارك التى سقط فيها العدد الأكبر من القتلى.
وتسمى الحرب العالمية الأولى «الحرب العُظمى»، نشبت بدايةً فى أوروبا من ٢٨ يوليو ١٩١٤ وانتهت فى ١١ نوفمبر ١٩١٨، إذ كرست الهدنة التى وقعها الألمان فى ريتوند انتصار الحلفاء على دول المحور، وهزيمة الإمبراطوريات العثمانية والنمساوية المجرية. وصفت وقت حدوثها بـ«الحرب التى ستنهى كل الحروب»، وتم حشد أكثر من ٧٠ مليون فرد عسكرى، ٦٠ مليونا منهم أوروبيون، أسفر النزاع عن سقوط ملايين القتلى على الجبهات الأوروبية الأخرى، فى روسيا والبلقان وإيطاليا.. وبسبب وجود إمبراطوريات، امتد النزاع بسرعة إلى كل القارات، وجرت حملة تجنيد فى الأراضى التابعة أو تحتلها بريطانيا وشهدت أفريقيا المحتلة أعنف المعارك، كما حدث فى آسيا حيث استولت اليابان على مناطق سيطرة ألمانيا.وجمعت الحرب جميع القوى العظمى فى تحالفين متعارضين: قوات الحلفاء (الوفاق الثلاثى وهم المملكة المتحدة لبريطانيا العظمى، وأيرلندا، والجمهورية الفرنسية الثالثة ،والإمبراطورية (الروسية) ضد دول المحور (الإمبراطورية الألمانية والإمبراطورية النمساوية المجرية والدولة العثمانية ومملكة بلغاريا). وكانت إيطاليا من ضمن الحلف الثلاثى مع الإمبراطورية الألمانية والإمبراطورية النمساوية المجرية، إلا أنها لم تنضم معهما فى المحور بسبب خرق الإمبراطورية النمساوية المجرية لشروط الحلف الثلاثى.
وبسبب وجود إمبراطوريات تضم كل منها العديد من الدول، امتد النزاع بسرعة إلى كل القارات، فقد جرت حملة تجنيد فى الأراضى التابعة أو تحتلها بريطانيا، وشهدت أفريقيا المستعمرة معارك، كما حدث فى آسيا، حيث استولت اليابان على مناطق سيطرة ألمانيا.
كانت بداية المعارك حدثا مدويا، ففى أغسطس ١٩١٤، حاول الفرنسيون من دون جدوى اختراق قلب القوات الألمانية فى منطقة اللورين، فيما اجتاح الجيش الألمانى بلجيكا وتصدى للجيش الفرنسى وغزا باريس التى خلت من سكانها ومن الحكومة التى انتقلت فى بداية سبتمبر إلى بوردو.
فى الشرق الأوسط، أطلق البريطانيون، الذين كسبوا معارك وخسروا أخرى، الثورة العربية بعدما قطعوا وعودا بمنح العرب الاستقلال عن الهيمنة العثمانية، وكانت فرنسا وبريطانيا قد تقاسمتا مسبقاً المنطقة عبر اتفاقات سايكس بيكو مارس ١٩١٦، عانى الشرق الأوسط ٤ سنوات مدمرة من الحرب، وأعيد رسم خارطته بالكامل، وتبع دخول الولايات المتحدة المتأخر ولكن الحاسم فى ١٩١٧ دخول العديد من بلدان أمريكا اللاتينية الحرب، وظلت الجبهة الغربية طوال الحرب الرهان الحاسم، فعلى خط يمتد على طول أكثر من ٧٠٠ كيلومتر يربط بحر الشمال بسويسرا، تجمع أكبر عدد من المقاتلين، ووقعت المعركة الكبرى وسقط العديد من الضحايا .
والاهم في هذه الذكرى هو قليلون في العالم المحتفل، اليوم الأحد، يعرفون ما قد لا يصدقه أحد، مع أنه حقيقي معزز بأدلة، وهو أن لبنان كان أكبر من لحقت به خسائر في الأرواح زمن الحرب التي بدأت في 1914 وانتهت في 11 نوفمبر 1918 بنهر دموي هو الأسوأ، ففيها قضى أكثر من 16 مليون قتيل وما يزيد عن 21 مليون مشوّه وجريح من عشرات الجنسيات والأعراق والدول.
إلا أن أياً من الدول التي شاركت بالحرب أو تضررت منها مباشرة، لم يفقد خمس سكانه سوى بلد واحد فقط، هو لبنان، فمع أن أرضه “تدر لبناً وعسلاً” وفقاً لما وصفه مؤرخون قدماء، إلا أن مجاعة نادرة الاحتدام عمته بعد عام من بداية الحرب واستمرت إلى نهايتها، وأهمه أن ضحاياها كانوا 200 ألف من سكانه البالغين مليوناً تقريباً ذلك الوقت، معظمهم من منطقة في شماله، كان اسمها “متصرفية جبل لبنان” وتتمتع بالحماية الفرنسية، فيما كانت بقيته تحت الاستعمار العثماني.